اباض بن عمرو المرِّي التميمي
(أبو عمرو)
(النصف الأول ق: 1هـ / 7م)
هو إباض بن عمرو من بني مرَّة ابن عبيد، من تميم رهط الأحنف ابن قيس (ت: 67هـ/687م)، وهو والد عبد الله الذي يعتبر عند غير الإباضية إمام المذهب، فيقال: الاباضية نسبة إلى عبد الله ابن اباض.
ولقد درج العرب والنسَّابة منهم خاصَّة، على تسمية المذاهب والدول والحركات باسم والد المؤسِّس مباشرة، ولذلك قيل: الدولة الأموية، نسبة إلى أمَيَّة بن خلف ابن حرب جدِّ معاوية؛ وقيل: الدولة الرستميَّة، نسبة إلى والد عبد الرحمن ابن رستم؛ وقيل: المذهب الحنبليّ نسبة إلى والد أحمد بن حنبل؛ وهكذا بعامَّة إلاَّ ما شذَّ.
وفي ابن إباض يقول الدرجيني: «فإليه النسبة اليوم في العقائد، معدولاً بها عن اسم الولد إلى اسم الوالد، طلبًا للتخفيف واختصاص الأشهر، وذلك في اللُّغة معروف لا ينكر».
واختلف في نطق الاباضية، كما اختلف في نطق اباض، أهو أَباض -بفتح الهمزة-، أم هو إِباض بكسرها؟ أهي الأَباضية أم الإباضية؟.
والراجح أنَّ النطقين صحيحان، ويغلب على المشارقة -من الاباضية- نطقها بالفتحة، وعلى المغاربة نطقها بالكسرة؛ ويذكر قطب الأيمة الشيخ محمد بن يوسف اطفيش بأنَّ الإِباضية بكسر الهمزة نسبة إلى عبد الله بن إباض؛ إلاَّ أنَّ دائرة المعارف الإسلامية في مادة "الأباضية" تقول: «وتسمَّى عادة أَباضية بفتح الهمزة في شمال إفريقيا، وهم أتباع عبد الله بن إباض [كذا]». وأما لسان العرب فقد اختار الكسرة وقال: «إباض اسم رجل».
وهكذا نلاحظ أنَّ صاحب المقال رغم أنه يؤكِّد أنَّ النطق بالفتح هو الأصحُّ، إلاَّ أنه يذكر مرارًا الإباضية بالكسرة.
والمعروف أنه في شمال إفريقيا عادة ما ينطقون الاباضية بالكسرة وليس بالفتحة، وخاصَّة منهم أتباع هذا المذهب.
ولقد تفادى بعض القدامى والمحدَثين وضع الهمزة إطلاقا، حتى لا يرجِّح نطقا على نطق، مادام النطقان صحيحين.
والغريب في الأمر أنَّ اسم "اباض" -بفتح الهمزة أو بكسرها- لا نجده إطلاقا في أسماء الأعلام، وكأنه اختصَّ به والد عبد الله دون غيره من العرب كافَّة، ولهذا لم تتَّضح همزته أبالفتحة هي أم بالكسرة، بل لا نكاد نجد ترجمة وافية عن "اباض" هذا، ولا عن ابنه عبد الله، في كتب التراجم والطبقات، ولا في كتب الملل والنحل.
أمَّا أصحاب هذا المذهب فلا يعتبرون ابن اباض إمامهم الأوَّل، وإن كان من علمائهم ومشايخهم البارزين، إنما الإمام هو التابعي المشهور جابر بن زيد الأزدي (ت: 93هـ / 711م)، دون غيره.
وكان ابن اباض لا يصدر في رأيه إلاَّ عن رأي الإمام جابر، وكان جابر آنئذ في الكتمان، لذلك لم يعرفه كُتَّاب الملل والنحل والمقالات، كما لم يطَّلع أصحاب الطبقات على انتمائه المذهبي -وإن عرفوا قدره وعلمه-، ولم ينسبوا المذهب إليه.
وقد اختار الاباضية لأنفسهم تسمية لا ترتبط بشخص معيَّن، وهي: "أهل الدعوة والاستقامة"، و"جماعة المسلمين"؛ غير أنَّ مخالفيهم عرفوهم باسم الاباضية وعرَّفوهم به، فالتصقت التسمية بهم، ثمَّ رضوا بها آخر الأمر، إذ لم يكن فيها ما يعاب، فاشتهر هذا الاسم عند الناس كافَّة، وأصبح مصطلحًا مرادفا لمصطلح أهل الدعوة والاستقامة.
والملاحظ أنَّ مصطلح الاباضية لم يرد في مصادر المذهب قبل الربع الأخير من القرن الثالث، ولعلَّ أقدم وثيقة بالمغرب ورد فيها هذا المصطلح هي "الدينونة الصافية" لعمروس بن فتح (ت: 283هـ / 896م).
وشاعت هذه التسمية عند المتأخِّرين بعد أن أُلزموا بها وفُرضت عليهم، ونكاد نجزم أنها - أي الاباضية - هي التسمية المطلقة الآن على المذهب، دون غيرها من التسميات.
وقد اختارت لجنة تأليف هذا المعجم مصطلح "الإِباضية" بالكسرة، فكان بذلك: "معجم أعلام الإباضية".
المصادر:
*المبرِّد: الكامل في اللغة، 105 *ابن عبد ربّه: العقد الفريد، 2/391 *الأشعري: مقالات الإسلاميين، 1/170؛ 2/126 *ابن قتيبة: المعارف، 622 *الشهرستاني: الملل والنحل، 1/134 *البغدادي: الفَرق بين الفِرق، 82 *ابن منظور لسان العرب، مادَّة ا-ب-ض *الدرجيني: طبقات، 2/214 *ابن رسته: الأعلاق النفيسة، 217 *النويري: نهاية الأرب، ج22 *اطفيش القطب: الإمكان فيما جاز أن يكون أو كان، 113 *دائرة المعارف الإسلامية، مادة "أباضية" *علي معمَّر: الإباضية في موكب، ج1 *علي معمَّر: الإباضية بين الفِرق *الغيثي: إيضاح التوحيد، 1/67-70، 88، 94... *عوض خليفات: نشأة الحركة، 75 وما بعدها *عوض خليفات: النظم الاجتماعية *عرفان عبد الحميد: دراسات في الفرق، 96 هامش 65 *محمود إسماعيل: الخوارج في المغرب الإسلامي *بحاز إبراهيم: الدولة الرستمية، 73 وما بعدها *
*Ennami: The Ibadi Studies; pp3-31