اسم الكاتب
جمعية التراث

"ديوان الغريب"
عمر بن الحاج عيسى بن بَلْعِيد البَريَّانِي
1880 - 1947م

دراسة وتحقيق:
الأستاذ يحيى بن بهون حاج امحمد

ابتدأ الشاعر عمر بن عيسى بلعيد نظم الشعر الملحون في أول شبابه في العقد الثاني من القرن الرابع عشر الهجري، أول العقد الأول من القرن العشرين، فظهر نبوغه الباكر، وشاع شعره الجميل في بلده بريان، ولما اجتاح بلده بريان ومدن مزاب الفيضان الذي وقع في خريف 1319هـ/1901م أنشأ قصيدة قصصية جميلة طويلة عنوانها (قصة الوِديانْ بَاللُّوحْ وَالسُّودَانْ)، ذكر فيها أحداث الفيضان ومناظره، وأطواره وأضراره وضحاياه البشرية، وشاعت في بريان ومزاب وحفظها كثيرون وتغنوا بها.

ولما كان مثقفا من تلاميذ زعيم النهضة الإصلاحية التي قادها الشيخ الحاج امحمد أطفيَّش _رحمه الله_، ثم الشيخ إبراهيم بن عمر بيّوض من بعده، يملأ حب الإصلاح نفسه، ويعرف واجبه فيه، فقد انساق في شعره لهذا الحب ولعقيدته الإصلاحية فكانت أكثر قصائده في الإصلاح والدعوة إليه والدفاع عنه.
وكان شعر عمر بلعيد مشرق الديباجة، سلس الأسلوب، حسن المعاني، ثائرا على الفساد والظلم والجمود، وكان السيد عمر شاعرا بحق، له وجدان قوي، يُحس الجمال فيَهِيم به ويدعو إليه، ويشعر بالقبح فيثور عليه ويعمل لإزالته، كما كان صاحب فكرٍ وقَّاد يُدرك المفاسد الاجتماعية وكل الأمراض النفسية التي تقتل الأمة وتُفسد الدين، فيجاهد بدعوته وشعره لتطهير النفوس منها، وكان أغلب شعره في هذه المواضيع الإصلاحية.
"ديوان الغريب" يحوي حللا زاهية بديعة من الشعر الشعبي الملحون، تضجّ بقيم الصدق والأصالة.. أترك للقارئ المجال حتى يتنزه بفكره في هذا الديوان ويتلمس جوانب الإبداع والأصالة عند هذا الشاعر الفذ، ويقف على فصول مهمة من تاريخ الجزائر في فترة الاستعمار الفرنسي، في جزائر عرفت أشكالا عديدة من المقاومة منها: أعمدة الصحف، ومنها قصائد الشعراء في الفصيح والملحون..، وفي هذا الديوان نصوص تضجّ حماسًا وثورية في المجال الاجتماعي خاصة، وهي لا تكاد تقل أهمية عن استبسال أقطاب الحركة الإصلاحية في خطبهم ومقالاتهم، وعن فصول شعر النضال السياسي التي برز فيها شاعر النضال والثورة الأستاذ الكبير مفدي زكرياء.
أ.يحي بن بهون حاج امحمد
أستاذ الأدب الجزائري الحديث
ورئيس قسم اللغة والأدب العربي
المركز الجامعي غرداية