
فكرة انطلاق إعداد هذا الكتاب:
ورد نص في كتاب (الشيخ أبو اليقظان إبراهيم كما عرفته) للكاتب أحمد فرصوص، كالتالي: "كان الشيخ أبو اليقظان يتمنى أن يجمع مقالاته الافتتاحية التي نشرها في جرائده، ويجمعها في كتاب يسميه أبواب الجنة الثمانية، لكن حال أجله دون تحقيق مآربه ولأولاده الذين ورثوا عنه روحه وجهاده أن يتكفلوا بهذه المهمة خدمة للوطن ووفاء للشيخ"، ونص آخر ذكره الشيخ محمد علي دبوز في كتابه أعلام الإصلاح في الجزائر، ج: 5، ص: 101 . بعد استعراضه لجهاد الشيخ بيوض في الصحافة ومؤازرته للشيخ أبو اليقظان في جهاد الصحفي قال: "... يجب أن تجمع مقالات الشيخ بيوض في كتاب خاص ويطبع، فسيكون أنجع دواء لأمراضنا الاجتماعية التي نشكو منها الآن، إنها هي بعينها الأمراض الاجتماعية التي عالجها مشايخنا المصلحون في صحفهم بأقلامهم البليغة فطهروا منها النفوس، وقضوا على الكثير منها في مجتمعهم ..."، فأخذ الباحث الفاضل الهمام الباسل الأستاذ محمد بن موسى بن قاسم بكوش زمام المبادرة في إعداد هذا الكتاب القيم الذي أخذ من الوقت ما يكفي ليخرج اليوم في حلة قشيبة يروي العطشان ويسقي الحرث والنسل ...
"من هنا كانت انطلاقة الاهتمام بما كتبه الشيخ إبراهيم بيوض في الصحافة الوطنية، وعلى الرغم من أنَّه لم يكن من المتفرغين للكتابة مقارنة بزملائه مثل الشيخ أبي إسحاق، والشيخ أبي اليقظان، والشيخ عبد الرحمن، ذلك لانشغالاته الكثيرة واهتماماته المتنوعة، وواجباته الاجتماعية الكبيرة الأخرى من تدريس ووعظ وإفتاء الأمة وزعامتها، وهو طالما اشتكى في رسائله للشيخ أبي اليقظان بأنه لا يجد الوقت الضروري للتفرغ للكتابة، مما يجعله عند كتابة موضوع ما لا ينجزه دفعة واحدة، وإنما يكتب جزءًا ليعود إلى الجزء المتبقي عند الفراغ من دروسه واهتماماته الكثيرة الأخرى، ثم لآن الشيخ -وهو يقرر عن نفسه- كان لا يميل إلى الكتابة إلاَّ إذا دفع إليها دفعًا، أو كما قال: أدع لمكْتَبِي دعًا، ومع ذلك فإنَّه عندما يكتب، يجيدُ إجادة فائقةً على النَّحو الذي ستراه أيها القارئ الكريم في صفحات هذا الكتاب، بل إنَّهُ إذا كتب قضية ذات طابعٍ إصلاحي أو ديني أو اجتماعي أطال فكتب الرسالة التي تبلغ عشرات الصفحات، ولا سيما إذا كان مراسلة من ذوي الشأن من مثل الشيخ أبي إسحاق، والشيخ أبي اليقظان، والباروني باشا وشكيب أرسلان.
أما المقالات فأغلبها ممَّا نشره بين سنة 1926م و1939م، فإنَّها تكاد تكون بحوثًا مستفيضة لا مقالات صحفية تلبي حاجة عابرة، وأنوِّهُ بصفة خاصة جلسة المخذولين التي بلغت خمس حلقات، ومسألة الصوم والإفطار التي بلغت أربع حلقات، والفرقان بين أميري السيف والبيان: الباروني باشا وشكيب أرسلان التي بلغت خمس حلقات، وكذا خطبُهُ ومذكراتهُ وتقاريره، وبعض المراسلات، وأخص رسالته إلى الشيخ أبي إسحاق سنة 1948م التي بلغت حوالي 50 صفحة، ممّا يدلُّ على أنَّهُ كان يحتفلُ بكتاباته احتفالاً، ويستعدُّ لها استعدادًا، ولو أدَّى ذلك إلى قطع الكتابة مرة بعد مرة".
من كتاب الشيخ بيوض مصلحًا وزعيمًا، د. محمد صالح ناصر ص 77-78 بتصرف