يحيى* بن صالح
ابن يحيى الأفضلي
(أبو زكرياء)
(و: 1126هـ / 1714م - ت: 25 رجب 1202هـ / 1 ماي 1788م)
من العلماء الأعلام، وكبار المشايخ في وادي ميزاب إبان النهضة الحديثة، بل هو باعثها الأوَّل.
هو من بني يسجن بميزاب، سليل بيت العلم، من أحفاد الشيخ موسى بن الفضل المعروف ب«باسه وافضل» (ت: 828هـ/ 1425م).
تلقَّى مبادئ العلوم في مسقط رأسه ببني يسجن، ثمَّ قصد جربة في آخر النصف الأوَّل من القرن 12هـ/18م؛ فأخذ في البداية من مجموع مشايخها، ثمَّ انقطع للشيخ أبي يعقوب يوسف بن محمَّد المصعبي المليكي (ت: 1188هـ/1774م) نزيل جربة.
ويذكر أنه بدأ غير مجتهد في تحصيله، فشجَّعه على الاجتهاد والكدِّ نملة أبت إلاَّ أن ترفع نواة بإصرار.
فمكث في التعليم بجربة اثنتي عشرة سنة متَّصلة، تفرَّغ فيها كلِّيَّة للعلم لا يلتفت لشيء غيره، وكانت رسائل أهله إذا وصلته لا يقرأها، بل يضعها في كوَّة عميقة في حجرته، ثمَّ يسدُّ الكوَّة لكي لا يراها فتحدِّثه نفسه بقراءتها، ولمَّا أتمَّ دراسته واستعدَّ للرحيل فتح الرسائل فقرأها فإذا جلُّ أسرته قد ماتوا، ووجد في الرسائل من الأخبار المزعجة ما لو قرأه لقطعه عن العلم.
ثمَّ رحل إلى مصر فلازم دروس المدرسة الإباضية بوكالة الجاموس العامرة، ودروس جامع الأزهر الزاهر.
وكان إِلى جانب التعلُّم يعنى بنسخ نفائس الكتب التي تحويها خزانة مخطوطات آل افضل حاليا.
وفي هذه المرحلة رافق العالم الشيخ أبا حفص عمرو بن رمضان التلاتي الجربي، وقد مدحه هذا الأخير في قصيدة توجد منها نسخة مخطوطة بمكتبة القطب اطفيش ضمن ديوانه.
ثمَّ عاد إلى وطنه ميزاب حوالي سنة 1157هـ/1744م، بعد إلمامه بعلوم كثيرة.
شرع في وضع أسس حركة إصلاحية شاملة، فعلَّم وأرشد، ووجَّه وسدَّد، وشمَّر عن ساعد الجدِّ في الإصلاح والتعليم والوعظ والإرشاد بدار للتلاميذ، وهي في الأصل جزء من مسكنه، تحوَّلت إلى مدرسة بمثابة قسم للدراسات العليا.
فتخرَّجت على يديه جحافل الطلبة، قادوا الحركة الإصلاحية في مواطنهم في مدن ميزاب ووارجلان ووادي أريغ، منهم: ابنه موسى، والشيخ ضياء الدين عبد العزيز الثميني، وإبراهيم بن بيحمان، وحمُّو والحاج اليسجني، وأبو يعقوب يوسف بن عدُّون، وبابه بن امحمد الغرداوي.
وفي بداية مقامه بميزاب انتظم في حلقة العزابة ببلدته، وقد صدرت في عهده تقنينات (اتفاقيات العزابة) تهدف إلى تنظيم المجتمع في مختلف مناحي حياته.
بالإضافة إلى هذه الكوكبة من التلاميذ العلماء، يمكن أن نحصي له إنجازاته وكتبه ومعارفه فيما يلي:
1.ترك ما لا يقلُّ عن 20 نصا بين رسالة وحاشية.
2. لم يؤثر عن الشيخ أيَّ مؤلَّف ذاتي، لاشتغاله بإعداد الرجال عن تأليف الكتب، إِلاَّ أنَّ الباحث يحيى ابن عيسى بوراس اكتشف له مؤلَّفا - في إطار إنجازه لفهرس آل افضل - بعنوان «شرح قصائد ابن زياد العماني في الأحكام والعيوب والشفعة وغيرها» (مخ).
3. «له شرح على قصائد الصوم والحج والزكاة وكفارة الأيمان من دعائم ابن النظر العماني» (مخ) منه نسخة بمكتبة آل افضل.
4.ترك مكتبة ثرية يتوارثها ذووه أبا عن جدٍّ، عملت جمعية التراث على إحصاء مدَّخراتها وتسجيلها، في إطار مشروعها الكبير: «دليل مخطوطات وادي ميزاب».
وافاه أجله وعمره 76 سنة، بعد أن لازم الفراش مدَّة ثلاث سنوات بسبب مرض مزمن في ركبته، ودفن في مقبرة باسة وافضل.
*المصادر:
*إبراهيم بن بيحمان: قصيدة في رثاء الأفضلي حين وفاته (1202هـ/1788م) (مخ) *بابه بن محمَّد: قصيدة في مدح شيخه أبي زكرياء يحيى بن صالح الأفضلي (مخ) 40 بيتا. *بابه بن محمد: قصيدة في ذكر انطماس مدرسة الشيخ يحيى بن صالح (مخ) 21 بيتا *أبو اليقظان: الثميني كما أعرفه (مخ) 16-20 أبو اليقظان: الشيخ أبو زكرياء يحيى ابن صالح (مخ. مصوَّر) 6ق *أبو اليقظان: ملحق السير (مخ) 52 *الثميني: كتاب النيل، مقدِّمة المحقِّق عبد الرحمن بكلِّي، 9-12 *دبوز: نهضة الجزائر، 1/254-262 *علي معمَّر: الإباضية في موكب، ح4/334، 472 *بوراس يحي: دليل محضرة عمي يحي، كله *نويهض: معجم أعلام الجزائر، 22 *النوري: نبذة، 1/76 *سالم بن يعقوب: تاريخ جربة، 139-140 الحاج سعيد: تاريخ بني مزاب، 78، 81-82، 179 الجعبيري: البعد الحضاري، 162 *الحاج سعيد: الإمام اطفيَّش (محاضرة) 4، 34 *الكباوي: قطب الأيمة ودوره (محاضرة) 4-6.
*Smogorzewski: Etude sur le waqf, 3 *Louis: Les mechaikh, 24, 65/4.