بسم الله الرّحمــــــــن الرّحــــــــيم والصّلاة والسّلام على رسول الله
أكرم بصاحب الأدب الملتزم في يوم التّكريم!!
أخي الفاضل الأستاذ عمر بن سعيد حكيمي، إخواني الكرام أعضاء المجلس العلمي لكليّة الإصلاح للتّربية والعلوم الإسلاميّة، السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته. حفظكم الله ورعاكم وسدّد خطاكم ووفّقكم في جهادكم العلمي والتّربوي.
تشرّفتُ منكم بدعوة كريمة – كرم نفوسكم الزكيّة – لحضور حفل تكريم أخينا الكبير الأديب الأستاذ عبد الوهّاب بن حمّو بن عمر فخّار، في " برنامج لقاء الوفاء "، الذي دأبت كليّة الإصلاح على إقامته كلّ سنة؛ تكريما للعاملين المخلصين، ووفاء لجهود الرّجال النّاشطين في المجتمع.. فهذه مكرمة منكم سنيّة، لكم عليها أجر عظيم من عظيم كريم لا يضيع أجر من أحسن عملا.
إحسانكم يتمدّد كلّ سنة ليضيف إلى دائرته من هو جدير به؛ تقديرا لما قدّم من أعمال كبيرة، وما أسدى من معروف للمجتمع، وما أنار به الزّاوية التي يكون فيها، وما أشعّ به من أنوار يستضيء بها لقاصي والدّاني.. فكان بكلّ تلك الأعمال أهلا للتّكريم وتذكير الأجيال المتعاقبة بها؛ لتكون لهم هذه الالتفاتة الحسنة قدوة في العمل المنتج، الذي يؤتي أكله بإذن الله طيّبا، تطيب به الحياة الدّنيا وتهنأ به الحياة الأخرى إن شاء الله.
استقبلتُ دعوتكم بفرح وسرور وامتنان، مع شعور بحزن كبير، أنّني لا أتمكّن من تلبيتها حضوريّا، لأسباب قدّرها الله فلا مردّ لقضائه. لكنّني أحضرها شعوريّا معكم بوجداني وكياني وأركاني كلّها.. أطلب منكم المعذرة في هذا الغياب. الذي حرمت به من خير عميم وأجر عظيم.
أخونا الأستاذ عبد الوهّاب عالَـم لوحده، في الخلق والعمل الدّؤوب والتّضحية وحبّ الخير.. هو ركن ركين في الثّقافة الأصيلة والتّراث السّليم من الشّوائب والدّغل والزّيف.. هو رجل حمل راية نصرة اللّغة المزابيّة بحسّ حضاري، وبقواعد من العمل المؤسّس للنّهوض بالأدب الهادف الملتزم، وبنيّة إحياء اللّغة التي تترجم عن مميّزات المجتمع المزابي، من دون شطط أو تطرّف، ومن دون مزايدة أو مساومة في الأصالة العربيّة والإسلاميّة، ومن غير مزاحمة أو إقصاء لأيّ عنصر يتحرّك في المجتمع بشروط التّناغم والانسجام والتّعاون والتّدافع الحضاري، وتبادل التّجارب بين الثّقافات.
لكلّ ذلك حظي بتقدير الجميع، ونال أدبُه استحسانَ مختلف شرائح المجتمع، وانجذب إليه عالي الثّقافة ومتوسّطُها وعامّةُ النّاس، واستساغ أدبَه معظمُ من التقَى به؛ لِـمعانيه الرّاقية، وصوره البديعة، وصياغته الرّائقة، وطرائفه الشّائقة، وحكمه وألغازه ورسالته، وموضوعاته المتنوّعة في العرض والمعالجة والتّحليل...
يكفي شاهدا ودليلا على قوّة هذا الأدب المزابي الأصيل، وروعته أنّه فتنَ أنصار اللّسان العربي الفصيح، وحرّك أشجان أصحاب الذّوق الرّفيع للأدب العربي، فانجذبوا إليه، بل كانوا يطلبون من صاحبه المزيد.. أمثال أبينا الرّوحي الشّيخ سعيد بن بالحاج شريفي (الشّيخ عدّون) وأديب مزاب الأوّل في العصر الحديث بلا منازع شيخنا حمو بن عمر فخّار.. رحمهما الله.. فما تضايقوا من أدبه المزابي ولا انصرفوا عنه أبدًا.. فأكرم بأخينا عبد الوهّاب أديبًا أريبًا، وناظمًا ملتزمًا.. فهو عبدٌ لوهّاب المواهب، الذي نال به الفخار وأعلى المراتب، فكان ابن أبيه حقّا، في الأدب والظّرف والفكر والحكمة..، فاجتمع في البيت الواحد حامل لواء الأدب العربي الفصيح وحامل الأدب المزابي الصّريح. فتكامل العمل البنائي وتناغم بحنكة الرّجلين (الأب والابن) ومن يشابه أباه فما ظلم.. إنّ في قصائد الأستاذ عبد الرهّاب ما يشير إلى هذا التّناغم بين العربيّة والمزابيّة، وما يدعو إلى هذا الانسجام، ويدعم هذا التّعاون بينهما في خدمة الصّالح العام باللّغتين.
أكرم بابن مزاب عبد الوهّاب، الذي استظلّ بظلّ ابن البيت الرّستمي الإمام عبد الوهّاب اسمًا ووسمًا، فهو سَـمِيُّهُ في الاسم وله منه سماته في الأدب.. فالإمام الرّستمي أمير سياسة وبيان عربي، والأديب المزابي رجل اجتماع وبيان مزابي.
نسأل الله التّوفيق والسّداد والرّشاد لأديبنا عبد الوهّاب في مسيرته الأدبيّة المتواصلة، وحسن الاقتداء من تجاربه لناشئتنا ونابتتنا، لشقّ طريق الإبداع والإمتاع بقواعد صحيحة، يربط بين مبادئهم وأهدافهم صراطٌ مستقيم، يحميهم من أن تتفرّق بهم السّبل يمينا ويسارا فَيَضِلّوا ويُضلّوا. هذه هي المغازي والمعاني التي يأخذها الجميع من هذه التّكريمات والاحتفاءات والتّقديرات.. شكرا لكليّة الإصلاح، التي نرجو لها كلّ نجاح وفلاح. والحمد لله ربّ العالمين الهادي إلى كلّ صلاح...
الجزائر يوم الإربعاء: 16من ذي القعدة1443ه/15من يونيو2022م
أخوكم محمد بن قاسم بن الحاج عمر ناصر بوحجام