الأستاذ الدكتور والشيخ الوقور الحكيم عمر بن حمو سليمان بوعصابة -رحمه الله-
ترجمة مختصر للمرحوم
سليمان بوعصبانة عمر بن حمو بن عمر
* ولد في 07 مارس 1942م، بالقرارة.
* تلقى تعليمه الابتدائي بمدرسة الحياة، ثم معهد الحياة، في مسقط رأسه.
* واصل دراسته الجامعية بالمدرسة العليا لتكوين الأساتذة بالقبة في الجزائر العاصمة. تحصل على شهادة الماجستير من جامعة الجزائر، برسالة موسوم ب"معالم الحضارة الإسلامية بوارجلان (ورقلة)".
* ثم تحصل على شهادة الدكتوراه من جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة، بأطروحة تحقيق سير الوسياني، بتقدير مشرف جدا.
* درّس في مدرسة الحياة الحرة بالقرارة، ثم في ليبيا الشقيقة. ليعود إلى معهد الحياة.
* وفي 1973م، أستاذ في المعهد التكنولوجي لتكوين الأساتذة والمعلمين، إلى غاية 1977م.
* في سنة 1977م، أستاذ في معهد الحياة، في العلوم الاجتماعية والأدب العربي، إلى سنة 1992م.
* في سنة 1992م، انتقل إلى معهد القضاء الشرعي والوعظ والإرشاد بسلطنة عُمان، لمدة خمس سنوات.
* في سنة 1997م، عاد إلى أرض الوطن، ليشتغل أستاذا محاضرا بمعهد الحضارة بجامعة وهران، وعمل نائبا لرئيس القسم، ورئيسا للجنة العلمية، وعضوا في المجلس العلمي، وعضوا في مخبر المخطوطات لشمال إفريقيا بنفس الجامعة.
* رجع إلى سلطنة عُمان أستاذا في جامعة نزوى، مشرفا على مخبرها المتخصص في المخطوطات، إلى غاية 2018م.
* تقاعد من ارتباطه بالتدريس والمخابر، لكن شغفه بالبحث والتراث لم ينقطع أو يفتُر.
* عضو حلقة العزابة بالقرارة منذ سنة 1990م.
* في أيام إقامته بوهران أحيى أنشطة القراريين فيها، رغم قلتهم آنذاك، واسس لتظاهرة "الزيارة"، التي يحتفى بها إلى اليوم سنويا.
رحمة الله عليه
* فتح مكتبة علمية متخصصة، وضعها في خدمة للباحثين، وخصص لها دارا للشأن، كانت أمنية حياته وفقه الله لتحقيقها في سنة 2020م، في عز وباء كوفيد المستجد.
شاعر ينظم الشعر.
* عضو في تأليف "معجم أعلام الإباضية"، و"معجم مصطلحات الإباضية"، ضمن المشاريع العلمية لجمعية التراث بالقرارة.
* جل رحلاته الشيقة في سبيل التنقيب عن المخطوطات، زار لأجل ذلك عدة دول؛ من سانت بطرسبورغ بالدائرة القطبية، إلى تمبكتو بمالي، ومن المغرب الأقصى إلى ما وراء النهرين بأوزبكستان والصين. منها: روسيا، بولونيا، تشيكوسلوفاكيا، ألمانيا، فرنسا، بريطانيا، الصين، ماليزيا، والولايات المتحدة الأمريكية. وجلّ الدول العربية؛ كتونس، المغرب، ليبيا، مصر، السعودية، عُمان، سوريا، الأردن، ولبنان. وبعض دول إفريقيا؛ تنزانيا ومالي، ومعظم مناطق الجزائر وحواضرها.
* توفي يوم (اليوم) الجمعة 15 شعبان 1443هـ / 18 مارس 2022م، في الجزائر العاصمة، ودفن بمسقط رأسه بلدة القرارة يوم الأحد 20 مارس 2022م
* أفنى زهرة عمره في طلب العلم، ونذر كهولته وشيخوخته للبحث عن المخطوطات، وخدمة الباحثين عبر العالم، والدعوة إلى الارتباط بكنوز الأمة العلمية والمعرفية؛ فكان أسوة وقدوة، مثالا ونموذجا.
* رجل صدوق مخلص وفي خدوم ودود متواضع. باحث مثابر رحالة، منقب صبور مرابط في ثغر خدمة التراث، والمخطوط بخاصة. لا يتوانى في جلب وثيقة سمع عنها، من شأنها أن تضيف للبحث الأكاديمي معرفة علمية.
* تغمده الله برحمته الواسعة.
المصدر:
- منشورة في حساب على الفايس بوك للأستاذ الباحث ناصر الدين بن أيوب الشيخ بالحاج –حفظه الله-
تعازي لبعض الأساتذة والمشايخ بعد سماع خبر وفاته رحمه الله
1- أحقًّا ما سمعنا منذ حين؟ وأن نبأ رحيل الشيخ لقمان خبر يقين؟ إنا لله وإنا إليه راجعون.
فعلاً، إنه نبأ عظيم فجعنا به هذا اليوم. ولا نملك إلا الدعاء لشيخنا وأستاذنا الدكتور عمر لقمان المجاهد في أكثر من ميدان. وهو المرابط على الثغور منذ عشرات السنين في بناء الحصون وتنشئة الأجيال.
وكم كنا محظوظين حين نهلنا من علمه وادبه واخلاقه، ودرجنا على نفحاته في تلك السنوات الزاهرة في رياض معهد الحياة الناضرة. كما نهل من نبعه النمير أجيال من الطلبة في وارجلان وجبل نفوسة وعمان وفي رحاب جامعة وهران. فبلغ غيثه المشارق والمغارب. وترك بصماته في جاليتنا بعمان وامريكا وحيثما حل من البلدان.
ولم يكتف بإعداد الجيل الحاضر، فأبحر في الماضي الزاهر. ورحل ينقب عن الٱثار والمجد الغابر، وقضى شطر حياته رحالة يبحث عن المخطوط ويوثق ذاكرة الامة ويكشف عن كنوز فكرها وٱثار علمائها. ويرسم معالم حضارتها. مستسهلا كل الصعاب متحملا كل الاتعاب معرٌضا نفسه للأهوال والأخطار إيمانا بشرف الرسالة ونبل الغاية. واليوم تختم أنفاسه في يوم جمعة مشهود وهي إن شاء الله بشائر ختام سعيد. ونضرع إلى الغني الحميد أن يتقبله في عباده الصالحين ويكرم نزله مع العلماء الشهداء إنه سميع مجيب.
تلميذه الداعي له مصطفى بن صالح باجو
2- عندما يأفل نجم الحكيم
بسم الله الرحمن الرحيم
نحمده جل جلاله إنه القوي القاهر فوق عباده هو العزيز الحكيم الذي لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه سبحانه الفعال لما يريد سبقت رحمته واتسقت نعمته وتجلت حكمته لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه وعد المجاهدين في سبيله بأنفسهم وأموالهم مقاما محمودا وحوضا مورودا ونعيما ممدودا فاللهم اجعل لنا لسان صدق في الآخرين ومقعد صدق في عليين
لم يكن يدور بخلد واحد منا أن يطرق سمعه بهذه العجالة نبأ وفاة شهيد المطبوع والمخطوط وخبر موت فقيد الترحال والأسفار الأستاذ الدكتور والشيخ الوقور الحكيم عمر بن حمو سليمان بوعصابة الذي اشتهر بكنية من آتاه ربه الحكمة إنه لقب الحكيم الذي ورثه عاصبا عن أبيه الذي ذاع صيته في المحافل وشاع حكمه في المنابر فغدا موئلا لمن يطلب الحكمة ومستشارا لمن يترجى فصل الخطاب
لقد صدعت رؤوسنا وزلزلت قلوبنا وهزهزت نفوسنا أفول شمس الحكيم لقمان وغياب حكم الفاروق عمر وكيف لا نصاب بهول الفاجعة ونرتاب بهزة الواقعة وقد كان المتوفى يغمر نفوسنا ببسمته ويشد قلوبنا بمزحته وينير عقولنا بقولته وينعش مجلسنا بحضرته لقد مات من بلغ مغرب الشمس ومطلعها واجتاز مجمع البحرين حتى وصل ما بين السدين لاهثا وراء مخطوط دفين في ركن شديد أو وثيقة محبوسة في صندوق من حديد وكم كلفته هذه المخطوطات من جهود مضنية وكم حملته تلكم الوثائق من أتعاب مشقية لكن عزيمته الثوارة التي لا تبين وإرادته الجبارة التي لا تلين ونيته الصادقة التي لازمته حتى جاءه اليقين جعلت منه مدمنا على قرع الأبواب فولجها مصرا على تقحم السراديب فدخلها تواقا إلى الخزائن ففتحها ففاضت على يديه الكريمتين كنوز الورى وتلألأت بين يديه السحريتين جواهر المخطوط بما لم نر
فكم فك من رموز وكم حل من عقود وكم حمل من بنود رصعت جبين المكتبات وفجرت معين البحث للطلبة والطالبات فاسألوا عن ذلك ما اجتمع لديه من عيون المخطوطات مما لهث في جمعه من روسيا وعُمان وزنجبار والجزيرة الخضراء والولايات المتحدة وكثير من المكتبات الموصدة في ربوع الوطن الفسيح وخارجه
لقد كنت أخانا عمر لقمان فارس الميدان لا يشق لك فيه غبار ولا ينافسك فيه أحد إلا ويسقط في عثار لقد كنت مستميتا نحو تحقيق هدفك الذي آمنت به وترسخ في فكرك فلانت لك عريكته ودانت لك عسيرته بعد كفاح طويل وجهاد جميل فابيضت من غبار المخطوط عيناك وزكمت من رائحته منخراك وتورمت من رطوبته رئتاك فكانت بداية النهاية التي جعلتك تتنقل في تعب وتسافر في رهق حتى حطت بك الرحال في بلد العم صام [أمريكا] لعل جرعة من دوائها يعيد إليك بهاءك ورواك وحقنة من لقاحها يثيرك من عثرة المرض فتعود إلى الميدان صائلا وللعقبات دائلا ولكن المنية إذا أنشبت أظفارها ألفيت كل تميمة لا تنفع
إنها رحمة الله بك حلت فكانت نهايتك في بلدك وبين ذويك وأهلك فنم قرير العين مبسوط القلب مسرور النفس بما قدمت بين يديك من أعمال البر التي نفعت بها عيال الله وابتغيت بها فعل الخيرات فكم نعدد من خيورك وقد كنت الطالب النجيب والأستاذ القدير فاسألوا عنه مقاعد الدراسة في كل مراحلها في الجزائر والكنانة وبغداد واستفسروا قدرته في التعليم طلابه في معهد الحياة ومعهد القصاء في عُمان وجامعة وهران وتحققوا من جهوده الضخمة في مخبر المخطوطات في وهران وجامعة نزوى تنبئكم الخبر وعند جهينة الخبر اليقين
لقد امتاز الحكيم لقمان بميزات فاضلة فقد كان محبا للعلم شغوفا بالمعرفة مبسوط الوجه عذب اللسان سمح القلب يلقى صاحبه بوجه حسن ويأسر لبه بقول سديد تغشاه ابتسامة مشرقة ونكتة عذبة كما كان حاد الذكاء لا تفوته النكت ولا تخفى عنه المعاريض كم كان يدخل من سرور على ثلة إخوانه ويعجزهم أدبا في خوانه فلله دره في الآخرين أنيسا وفي عليين جليسا
لم تستنكف وأنت تحمل هذا العبء الثقيل الذي تنوء به أولو العصبة من القوة فخضت غمار المجتمع تحبك خيوطه وتوثق عقوده وتصلح عيوبه وترتق جيوبه فانضممت إلى إدارة عشيرتك فكنت قديرا واخترت للاتحاق بحلقة العزابة فكنت جديرا
كيف بعد هذا لا نحزن في فقد لقمان ولا نجزع في رحيلك يا عمر فهل تركت لنا من بعدك من يخلفك على وتيرتك وهل راودتك نفسك أن تسلم الراية من كان على شكيلتك ذاك ما نترجاه وإن قد أعييت من يأتي بعدك وأملنا في من منحك هذا الثراء أن يخلف لنا من يشرق نجمه من جديد بين الورى وتلك سنته في الاستخلاف ولن تجد لسنة الله تبديلا
فما عاش من عاش مذموما خصائله ولم يمت من يرى بالخير مذكورا فما فارقنا لقمان إلا بشبحه مخلفا فينا روحه ترفرف تذكرنا بخصال الفقيد وتعطرنا بخلال الرشيد
تعزية خالصة أقدمها بالأصالة عن نفسي وبالنيابة عن أعضاء حلقة العزابة إلى عائلة عمر وأهل لقمان وعشيرة الحكيم وكافة أسرة التعليم وحظيرة المجتمع السليم سائلين الولي الحميد أن يفرغ علينا صبرا ويثبت أقدمنا وأن يلهمنا جميل الصبر فإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
بقلم أخيكم عيسى بن محمد الشيخ بالحاج (القرارة - واد امزاب - الجزائر)
3- نعي، نبأ عظيم وخبر محزن
طلع علينا اليوم كالصاعقة.. إنه وفاة خبر أخي وصديقي ورفيق دربي في العمل والأسفار. الشيخ الدكتور عمر بن حمو سليمان بوعصبانه (لقمان).
الرجل الصدوق المخلص الوفي الخدوم الودود المتواضع..
الباحث المثابر الرحالة، المنقب الصبور المرابط في ثغر خدمة التراث والمخطوط بخاصة.
رحمه الله وغفر له ذنوبه وتقبل منه جهاده التربوي والعلمي والاجتماعي والدعوي.. وأسكنه فسيح جناته وجزاه الجزاء الأوفى والأعلى والأبقى: جنة المأوى نزلا في الأخرى .. إنه سميع قريب مجيب وألهم ذويه وأسرة العلم الصبر والسلوان. إنا لله وإنا إليه راجعون. الجزائر يوم الجمعة: 15 شعبان 1443ه/ 18مارس 2022م.
محمد بن قاسم ناصر بوحجام
4- في رثاء الدكتور البحاثة عمر لقمان رحمه الله تعالى
اختارك الله؛ أما بعد يا عمرُ
فالنور يرقى ويبقى ذكرُه العطرُ
في ذمة الخلد أنت الآن متكئ
أحبك الله، فاسترخى لك القدرُ
وغبت عنا رحيلا لا إيابَ له
فكم رحلت وفي هيمانك الدررُ
تنعاك مخطوطةٌ ثكلى مسحت بها
غبارَ دهرٍ فأزهى وجهُهَا النضِرُ
والمجدُ يرثيك والآمالُ في قلقٍ
والحبرُ يبكيك والأسفارُ والزُّبَرُ
تركتَ خلفك أقلاما وأفئدةً
ينتابها الشوقُ، لا وعدٌ فيُنتَظرُ
كل البلادين تبكي إذ حفرتَ بها
مناجمَ العلمِ فاستجلى بك الأثرُ
وبـ"القرارة" ظل الطين مرتديا
ثوبَ الوجوم، وقلب الأرض منفطرُ
للبيت صوتُ أنين ملؤه وجعٌ
إذ كان منك تصلي مِلْأَه السُّوَرُ
عالٍ مرامِك لا نجمٌ يعادله
ولا يضاهي نداك الغيمُ والمطرُ
نقّبتَ عن ذهبِ الأجداد في هممٍ
وفي يديك كنوزُ العلم تنفجرُ
ما أُبْتَ من سفَرٍ إلا إلى سفَرٍ
يحلو مقامك في التاريخ والسّفرُ
جمعتَ حكمة لقمانٍ وهمته
وفي مُحيّاك يبدو بالتقى"عُمَرُ"
ولابتسامتك الغراء بي لهفٌ
هل لي بلقياك يا من قربُه ظَفَرُ
يحبك الصبحُ يا شمسا بطلعتهِ
وفي الدياجير يهوى سُهدَك القمرُ
مضيتَ، خلفكَ إنجاز ومفخرةٌ
ومن أمامك أهدافٌ لمن عبروا
نفس مباركةٌ تسمو بمطلبها
وفي سطورٍ قديماتٍ لها وطرُ
ارحل إلى الله، ها كل الحروفِ أتتْ
تزفُّ نعشك حيث الرّفْرَفُ الخَضِرُ
ورحمةُ الله تسري في معارجها
كما تسامى على إيمانك العُمُرُ
ذكراك مخطوطةٌ فينا مخلّدةٌ
وثيقةً زانها من عُمرِك السيرُ
الشاعر: هلال بن سيف الشيادي