د. علي جمعة: مفتي الديار المصرية، في سلسلة المجتهدون، تحت عنوان: "مجالس الطيِّبين" التي تم عرضها في التليفزيون المصري خلال شهر رمضان الكريم عام 1432هـ، كان من بينها الحلقة الحادية والعشرون عن الإمام عبد الله بن إباض
 وتعميما للفائدة نقتطف من حلقته ما سيأتي.
وبالمناسبة نقدم لسماحة المفتي جزيل شكرنا لعرضه القيم المعتدل، الذي يسعى لجمع شتات المسلمين، والدعوة إلى الاستفادة من بعضهم بعضا. ولمثل هذا فليعمل العاملون من الدعاة والوعاظ والمفتين والمرشدين.
وإليكم أهم النقاط التي تناولها سماحة الشيخ في مداخلته: 
نحن اليوم مع رجل من الطيبين؛ لأنه كان متقدما؛ لأننا نتكلم في مستوى أتباع التابعين.
- ينسب الإباضية إلى الإمام عبد الله بن إباض التميمي، من بني مرة، وهو عربي.
- وجدنا اضطرابا كبيرا في تاريخ ميلاده ووفاته، عاش في أيام معاوية بن أبي سفيان، وعاش إلى أواخر أيام عبد الملك بن مروان، وقيل: إنه توفي عام 86هـ. لذلك كأنه كان أقدم الأئمة المتَّبعين، فهو تابعي أو من أتباع التابعين،
قال الإمام الشماخي: هو من التابعين. وإمام المذهب في الرأي هو التابعي الفقيه: جابر بن زيد. وقد صاحَبَ الإمامُ جابر بن زيد [وليس عبد الله بن إباض كما ذكر سماحة المفتي] كثيرا من الصحابة، ومن أبرزهم: عبد الله بن عباس وروى الحديث عن عائشة أم المؤمنين، وكثير من الصحابة الذين شهدوا بدرا.
- كان الإباضية في البداية لا يسمُّون أنفسهم إباضية، وإنما يسمّون: "جماعة المسلمين" أو "أهل الدعوة" أو "أهل الاستقامة". وظهرت التسمية [في مصادر الإباضية] في أواخر القرن الثالث الهجري.
- اكتملت ملامح المذهب الإباضي وتحرير أقواله وتميز بكتبه في أواخر أيام أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة ـ خليفة الإمام جابر بن زيد [وليس عبد الله بن إباض كما ذكر سماحة الشيخ] ـ في البصرة، حيث التجمع الأساسي لعلماء الإباضية.
- يعتقد الإباضية أن كل من نطق بالشهادتين فهو مسلم، له ما للمسلمين وعليه ما عليهم.
- لا يستحلون دماء أحد من أهل القبلة أبدا، ولا يستحلون مال أحد إلا بالطريقة التي فرضها الله سبحانه وتعالى في كتابه.
- يرى الإباضية أن القرآن مقدَّم على غيره من المصادر. وأن السنة العملية مقدمة على سنَّة الآحاد.
- تنكر الإباضية إنكارا تاما أنها فرقة من فرق الخوارج كما يشاع عنها من خارج المذهب الإباضي.
- تنتشر الإباضية الآن في عمان، ويكاد يكون مركزها هناك، ويوجدون أيضا في الجزائر.
- اعتُمد المذهب الإباضي فقهيًّا في مواطن كثيرة، منها: مجمع البحوث الإسلامية، وفي الموسوعة التي لا يزال يصدرها المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وفي مجمع الفقه التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، ويحضر فيها مفتي الإباضية من عُمان.
- المذهب الإباضي وإن كان أتباعه قلَّة، إلا أنه اعتُمد ضمن المذاهب الثمانية المعمول بها، والتي أجمع عليها علماء المسلمين في عَمَّان بالأردن وفي مكة.
- الخلاف بينهم وبين أهل السنة في العقيدة: أن الإباضية يعتقدون أن الله لا يُرى يوم القيامة، بينما أهل السنة يعتقدون أن الله يُرى يوم القيامة. هذه خلافات في الفهم لا تؤثر في وحدة المسلمين ولا في اتفاقهم.
- للإباضية كتب كثيرة، وقد أسهمت عُمان في إبراز هذه الكتب. ومن أهمها: المدونة لأبي غانم الخراساني، الذي ينقل عن أئمة الإباضية السنة بطريقة فقهية، دون نقل الإسناد في أغلب الأحيان؛ لذلك نجد بعض الاختلافات في المسائل الفقهية بين الإباضية وأهل السنة بسبب الاختلاف في المنهج، وليس بسبب التضاد أو الصراع.
- رفض الإباضية رفضا قاطعا الروايات التي توجب اشتراط القرشية في الإمام أو الخليفة، والذي يقول به أهل السنة، وأما الإباضية فيقولون: إن أي مسلم حر كفء يمكن أن يتولى هذا المنصب؛ لقوله تعالى: {يَآ أَيـُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُم} ولم يقل: قرشي ولا كذا {إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [سورة الحجرات: 13].
- من مزايا الإباضية تقديرهم للحرية الإنسانية أيما تقدير، ومما تفردوا به أن العبد حر من أول المكاتبة، تشوُّفا لحرية الإنسان، وهذه اللفتات العميقة تجعلنا نستعملها ونحن نعرض الإسلام في الخارج.
- يمكننا أن نأخذ من مذهب الإباضية كثيرا.
- لما اطلعنا على كتب الإباضية وذاكرناها وجدنا أشياء غريبة جدا، منها أننا قد نجد الحكم مذكورا عندنا من غير بيان علته أو دليله، فنجد الأدلة في كتب الإباضية. فمذاكرة كتبهم مفيدة؛ لأنها توسِّع المدارك.
- من كتب الإباضية وموسوعاتهم الفقهية: شرح الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع بن حبيب، في ثلاثة أجزاء. ومنها: قاموس الشريعة الحاوي طرقها الوسيعة للعلامة جميل بن خميس السعدي (القرن 11هـ)، وهو عجيب في كبر حجمه، فهو يقع في 92 جزءًا، وقد طُبعت منه أجزاء كثيرة، ولم يتم بعد.
- من علماء الإباضية: الشيخ امحمد بن يوسف اطفيَّش الجزائري، ومعنى: "اطفيش" بالبربرية: أمسِكْ وأقبِلْ [وكُلْ]. وهو صاحب الكتاب الفقهي الماتع الكبير: شرح النيل وشفاء العليل، يقع في [طبعته القديمة في] عشرة مجلدات كبيرة، وكتاب النيل للشيخ ضياء الدين عبد العزيز الثميني. وله أيضا في التفسير وغيره.
- ومنهم [الشيخ أبو إسحاق إبراهيم اطفيش] الذي كان في دار الكتب المصرية وحقق تفسير القرطبي.
- المذهب الإباضي مذهب معتمد، له كتبه ومصطلحاته وطرق استدلاله، لا تخرج في جملتها عن المذاهب الفقهية المعتمدة، ويمكن الاستفادة منه في عصرنا الحاضر أيما استفادة.
- أجريت عدة دراسات ماجستير ودكتوراه عن المذهب الإباضي في جامع الأزهر الشريف، في دراسة أسس المذهب الإباضي وأصوله وفقهه.
- "فنحن أمام مذهب معتمد، حتى ولو قل أتباعه".
- ويذكرنا هذا بالمذهب الظاهري القليل الأتباع، ولكن في فتاوينا قد نعتمد رأيا من هنا أو هناك يناسب العصر والمصلحة؛ لذلك فنحن نحتاج إلى كل المذاهب الإسلامية حتى ولو قل عدد أتباعها؛ لأن فيها خيرا كثيرا.
--------------------------------- 
لمشاهدة الحلقة كاملة  انقر على الرابط الآتي:
اسم الكاتب