وهل يضيرُ نُباحٌ نجمةً سطعت؟
الشاعر الأستاذ الشيخ صالح بن إبراهيم باجو
معهد الحياة - القرارة
ألقيت هذه القصيدة بدار الحياة في 13 فيفري 2006 م، بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لختم الإمام الشيخ بيُّوض إبراهيم بن عمر تفسير القرآن الكريم. وهي ردٌّ على جريدة دانمركية نشرت رسوما كاريكاتورية مسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم. ولقد أثارت ضجَّة صاخبة لدى الرأي العام فأُقيمت من أجل ذلك مسيرات استنكار حاشدة في كثير من دول العالم منددة بهذه الفعلة الشنعاء.
مَاذَا دَهَى الغَربَ يَا وَيْلاَهُ انْتَصَبَتْ.:.:. أَقْلاَمُهُ ضِدَّنَا ظُلمًا وَعُدْوَانَا
أَمَا كَفَاهُ الذِي قَاءَتْ مَطَابِعُهُ.:.:. مِنَ الشَّتَائِمِ لِلإسْلاَمِ بُهتَانَا
قَدْ شَوَّهَتْ سُمْعَةَ الإِسْلاَمِ فِعْلَتُهُمْ.:.:. وَأَسْفَرَتْ عَنْ دَفِينِ الحِقْدِ إِعْلاَنَا
أَيَهْزَؤُونَ بِخَيرِ الخَلْقِ كُلِّهِم.:.:. وَقَد حَبَاهُ إِلَهُ العَرْشِ قُرْآنَا؟
أَيَسْخَرُونَ بِهِ؟ وَاللهُ فَضَّلَهُ.:.:. عَلَى البَرِيَّةِ أَخْلاَقًا وَإِيمَانَا
وَهَلْ يُضِيرُ رَسُولَ اللهِ كَيْدُهُمُ.:.:. وَعِصْمَةُ اللهِ تَرْعَاهُ وَتَرْعَانَا؟
وَهَلْ يُضِيرُ نُبَاحٌ نَجْمَةً سَطَعَتْ.:.:. فِي الأُفْقِ، تَغْمُرُنَا نُورًا وَتَغْشَانَا؟
أَمَا لَهُمْ مِنْ «شَارُون» النَّذْلِ مُعتَبَرٌ؟.:.:. إِذْ ظُلْمُهُ مَلأَ الأَكْوَانَ طُغْيَانَا
وَإِنَّهُ فَوقَ النَّعْشِ مُنتَظِرٌ.:.:. جَزَاءَهُ، قَبْلَ أَن يَّكْسُوهُ أَكْفَانَا
***
يَا أُمَّة الوَحْيِ لاَ، لاَ تَجْزِعِي أَبَدًا.:.:. بِرَسْمِ قِرْدٍ، غَدَا فِي الخُبْثِ شَيْطَانَا
شُلَّتْ يَمِينُكَ يَا رَسَّامُ، وَانْطَمَسَتْ.:.:. عَيْنَاكَ، تَبًّا لِمَنْ سَمَّاكَ فَنَّانَا
يَا مَن تَعدَّى عَلَى المُختَارِ فِي سَفَهٍ.:.:. فَسَوْفَ تَلْقَى - وَأَيمُ اللهِ - نِيرَانَا
أَقْصِرْ، فَإنَّكَ لَمْ تَمسَسْ بِرَسْمِكَ مَنْ.:.:. قَصَدْتَهُ مُفْرَدًا لَكِنَّا وِحْدَانَا
فَإِنَّهُمْ رُسُلُ الرَّحْمَنِ قَاطِبَةٌ.:.:. فِي شَخْصْ خَاتَمِهِمْ، أَعْلاَهُمُ شَانَا
حُرِّية الرَّأيِ، قَادَتْهُمْ لِفِعْلَتِهِمْ.:.:. فَرَدَّدُوهَا شِعَارَاتٍ وَأَلحَانَا
يَدْعُونَهَا - كَذِبًا - «حُرِّيَةٌ»، وَمَتَى.:.:. كَانَ التَّعَرُّضُ لِلأَعْرَاضِ بُرهَانَا؟...
بُرهَانُ زُورٍ عَلَى حُرِّيةٍ شَمَلَتْ.:.:. شَتَّى المَيَادِينِ أَصْنَافًا وَأَلوَانًا
يَدعُونَهَا - سَفَهًا - «حُرِّيََّةٌ»، وَهُمُ.:.:. بِاسْمِ التَّحَرُّرِ فَاقُوا الوَحْشَ أَحْيَانًا
بِاسْمِ التَّحَرُّرِ شَقَّ الوَحشُ بَذْلَتَهُ.:.:. رَمَى بِهَا، فَبَدَا للنَّاسِ عُرْيَانَا
رَأَوا الزَّوَاجَ قُيُودًا لاَ تُنَاسِبُهُمْ.:.:. فَالمَرْءُ حُرٌّ بَأن يَخْتَارَ أَخْدَانَا
رَأَوا العَقِيدَةَ أَحْكَامًا مُقَيِّدَةً.:.:. يَعدُو بِهَا النَّاسُ لِلخَلاَّقِ عُبْدَانَا
قَالُوا الشَّرِيعَةُ أَغْلاَلٌ تُكَبِّلُهُمْ.:.:. يَرَوْنَهَا - وَيْحَهُمْ - قَيْدًا وَقُضْبَانَا
فَالمَرْءُ حُرٌّ فَلاَ قَانُونَ يَضْبِطُهُ.:.:. وَرَأْيُهُمْ دُونَ شَرْعِ اللهِ سُلْطَانَا
وَالأَنْبِيَاءُ فَلاَ تُرْعَى قَدَاسَتُهُمْ.:.:. وَلَو غَدَوا مَلَكًا طُهْرًا وَرَوْحَانَا
حُرِّيَةُ الرَّأيِ تِلكُمْ، لاَ مَسَاسَ بِهَا.:.:. فَقَدَّمُوا دُونَهَا الأَخْلاَقَ قُرْبَانَا
***
يَا مُسْلِمِينَ، فَهَذِي فِتْنَةٌ ظَهَرَتْ.:.:. فِي الغَرْبِ أَوْقَدَهَا مَنْ كَانَ فَتَّانَا
أَجْمِلْ بِنَا أَنْ نَرَى الإِسْلاَمَ مُنْتَفِضًا.:.:. وَقَدْ تَصَدَّى لَهَا شِيبًا وَشُبَّانَا
فِي يَقْظَةٍ هَزَّت المِلْيَارَ فِي نَسَقٍ.:.:. آخَتْهُمُ وَحْدَةٌ رُوحًا وَأَبْدَانَا
عَلَى مَا نَشْكُو اعْتِدَاءَ الغَرْبِ مُنْتَهِكًا.:.:. «قَدَاسَةَ المُصْطَفَى» ظُلْمًا وَعُدْوَانَا؟
وَنَحْنُ أَنْفُسُنَا لَمْ نَرْعَ ذِمَّتَهُ.:.:. وَكَمْ رَدَّدْنَا أَحَادِيثًا قُرْآنًا
نَعَمْ لَدَينَا غِيرَةً حَرَّى نُؤَجِّجُهَا.:.:. ضِدَّ الصَّلِيبِيَّة الحَمْقَاءِ - نِيرَانَا
أَعزِزْ بِهَا وِحدَةً، لَو وُجِّهَتْ سَلَفًا.:.:. لِنَقْدِ أَنْفُسِنَا سِرًّا وَإِعْلاَنَا
مَا أَجْمَلَ المُسْلِمَ المِغْيَارَ مُنْتَصِبًا.:.:. لِلذَّوْدِ عَن دِينِهِ صِدْقًا وَإِيمَانَا
فَأَينَ غِيرَتُنَا وَالدِّينُ مُنتَهَكٌ.:.:. وَالأَرْضُ نَمْلَؤُهَا غَيًّا وَعِصْيَانَا؟
وَأَينَ غِيرَتُنَا، وَالوَحيُ مُنتَبَذٌ.:.:. وَرَاءَ أَظْهُرِنَا، صَدًّا وَنِسْيَانَا؟
وَأَينَ غِيرَتُنَا وَالمُحْصَنَاتُ رَمَتْ.:.:. عَنهَا الجَلاَبِيبَ إِغْرَاءً وَإفْتَانَا؟
وَأَينَ غِيرَتُنَا وَالخَمْرُ مُتْرَعَةٌ.:.:. كُؤُوسُهَا تَأسِرُ الفِتيَانَ إِدْمَانَا؟
إِنَّا لَنَشْكُو اعتِدَاءَ الغَرْبِ مُنتَهِكًا.:.:. «قَدَاسَةَ المُصْطَفَى» زُورًا وَبُهتَانَا
مَسُّوا رَسُولَكَ يَا رَبِّي وَغَرَّهُمُ.:.:. أَنْ كَانَ عَيْشُهُمُ رَغْدًا وَآمَانَا
فَاشْدُدْ قُلُوبَهُمُ وَاطْمِسْ عُيُونَهُم.:.:. فَقَد غَدَوا عَنْ سَبِيِلِ الحَقِّ عُمْيَانَا
***
يَا أُمَّةَ الوَحْيِ يَكفِينَا تَفَرُّقًا.:.:. فَالخُلْفُ أَورَثَنَا ذُلاًّ وَخُذْلاَنَا
فَلتَرفَعُوا مِشْعَلَ القُرْآنِ سَاطِعَةً.:.:. أَنْوَارُهُ، تَمْلأُ الأَكْوَانَ إِيمَانَا
ضُمُّوا الصُّفُوفَ وذُودُوا عَن حِيَاضِكُمُ.:.:. يَزِدْكُمُ رَبُّكُمْ عِزًّا وَسُلْطَانَا
أَرْوَاحُنَا لِفِدَى الإِسْلاَمِ نَبْذُلُها.:.:. رَخِيصَةً، إِنْ مُنَادِي الحَقِّ نَادَانَا

نشرت القصيدة في دورية الحياة، العدد: 11، 1428ه/2007م، ص 277-279.

اسم الكاتب