اسم الكاتب
جمعية التراث

آخر ما قاله الشيخ عــدُّون

جمع وإعداد: عيسى بن محمد الشيخ بالحاج

إن الإنسان عندما يقف في أعقاب تاريخ حافل، ليقلب صفحات مجد آثل، و يرجع البصر في أمجاد مغوار باسل لتستوقفه محطات رائعة، و تستفزه خبايا ناصعة، و تثيره ذكريات ذائعة، عبر حقب من الزمان، تولت من غير نسيان، لتبقى في أذهان الناشئة خالدة، خلود مجد صانعها، و تستمر في الآفاق مشرقة إشراقة مسرجها، تلكم المعالم البهية، و المغانم السنية التي على السلف حفظها للخلف، استمرارا لسنا نور الحياة خالدا ينير دروب السالكين، و دائبا يبهج نفوس الخالدين، و أن المرء ليتمثل نفسه على شظية جبل شاهق يشرف من عليائه على روض غناء قد سقاه ماء الغوادي فهو ريان، مزهر  بجميل الورود، مونع بجليل الأثمار، يمد فيه بصره ثم يرجعه فلا يرى فطورا، و يطير فوق أريجه فلا يشم إلا مسكا، و يحط على زهوره فلا يجني إلا شهدا. و قلّ من يرقى هذا المقام السامق، و يعتلي هذا المجد الشاهق، إلا من كان لربه تقيا، و على دينه وصيا، و لأمته وفيا، و ما أقلهم في هذا الزمان الذي لانت مضاجعه، و دانت مطامعه، و كثر بـغاثه، و نزر عقابه، و قد تغيرت الدنيا و كان أهلها يرون متون العيس ألين مضجع، و لعل من أبرز من يجب على الأمة جمعاء ترسم خطاه، و الاستنارة بسناه فقيد الإسلام و العربية فضيلة الشيخ شريفي سعيد الشيــخ عدون رحمه الله الذي بصر بالراحة الكبرى فلم يرها تنال إلا على جسر من التعب، فقد عاش سرمدا لربه نجيا، لدينه وفيا و لأمته أبيا، إلى أن مات بعد أن بلغ من الكبر عتيا، و خلف في الآخرين لسان صدق، و في الخالدين في مقعد صدق.