خليفة بن عسكر بن علي النالوتي
(حي بين: 1295 - 1341هـ / 1878-1922م)


قائد عسكري، وزعيم سياسي من ليبيا، ولد في بيت من أشهر بيوتات العساكرة، إحدى أكبر قبائل بلدة نالوت الكائنة بجبل نفوسة الغربي.

ارتاد الشابُّ إحدى كتاتيب نالوت، فحفظ قسطا معتبرا من القرآن الكريم، وحذق الكتابة.

وقد نشأ في أحضان عائلة ميسورة، وعُرف بميله الشديد إلى الإنفاق المفرط على أترابه، وقد كان ميالا للهو وصيد الودان، ممَّا أكسبه مهارة في المصارعة وإصابة المرمى، وكان الفتى كذلك شغوفا بركوب الخيل ومواظبا على المشاركة في المسابقات وألعاب الفروسية.

تذكر بعض المصادر أنَّ خليفة ابن عسكر كان ضمن جيوش الزعيم سليمان الباروني باشا في مقاومته ضدَّ الاستعمار الإيطالي لليبيا.

وفي خريف 1913م طلب ضابط إيطالي من مسؤولي نالوت تزويجه فتاة نالوتية، فثارت ثائرة ابن عسكر، ولم يتورَّع عن التهديد بإثارة الأهالي ضدَّ كلِّ من قبل الإهانة.

وفي خريف السنة الموالية، وضع خليفة تهديده موضع التنفيذ، فكوَّن مجموعة مسلَّحة تدبِّر الهجومات وتقطع الطرق على المستعمرين وأذنابهم، وبعد فترة وجيزة صار سيد المنطقة المتراوحة بين كاباو ونالوت، التي دانت له بالكامل.

وقد نفَّذ المجاهد العنيد في 28 نوفمبر 1914م عملية كبيرة، أحدثت القلق الشديد في صفوف الجيش الإيطالي، وعرفت بكمين وادي نالوت.

ثمَّ قام بحصار نالوت لمدَّة أسبوعين كاملين، ولم يفكَّ الحصار إلاَّ بمغادرة قوات ابن عسكر، وتوجُّهم لملاقاة جيش بقيادة الكولونيل Roversi، فاستشهد في المعركة 16 مجاهدا، وأمَّا خسائر الجيش الإيطالي فكانت معتبرة جداًّ. إذ انتهت المعركة بانتصار جند ابن عسكر.

وبعد هذه الانتصارات دمَّر الإيطاليون بعض المدن، وشدَّدوا الخناق على نالوت، فهربت جموع العائلات إلى محتشد بالجنوب التونسي؛ وكان خليفة ضمن من حوصر في معتقل قَبْلِي، إلاَّ أنه تمكَّن من الفرار مع ثلَّة من أصدقائه، فتمَّ له الاستقرار في ربيع 1915م بوادي أوال بين غدامس ودرج فقاد حروب عصابات نشيطة ضدَّ الجيوش الاستعمارية الأيطالية، منها:

1. عملية سوينية يعقوب، في 11 أفريل 1915م.

2. حصار سيناون، بين 5 و11 جوان 1915م.

3. احتلال كاباو والجوش، في أواخر جوان 1915.

4. الاستيلاء على نالوت، ودخولها في نهاية جويلية 1915م.

وفي شهر سبتمبر 1915م أعلن «البي خليفة» - كما كان يسميه أتباعه - الحرب على الفرنسيين في الحدود التونسية الليبية، وكانت أهمُّ معاركه ضدَّهم:

1. وقائع خريف 1915م.

2. الهجوم على ذهيبة، بين 16 و20 سبتمبر 1915م.

3. حصار ذهيبة، 20-25 جوان 1916م.

4. حصار رمادة، 26-27 جوان 1916م.

5. وقعة بئر مغري، 30 جوان 1916م.

وفي مطلع عام 1919م توصَّل ابن عسكر إلى عقد اتفاق للهدنة مع الفرنسيين، وذلك لأسباب عديدة.

وبمجرَّد نهاية الحرب العالمية الأولى أبرم قادة المقاومة الليبية، وعلى رأسهم الزعيم سليمان الباروني باشا، صلحا مع الإيطاليين الذين أُرغموا على قبول حكم البلاد مع حكومة وطنية، هي: الحكومة الطرابلسية.

وفي شهر أوت 1920م عيِّن خليفة بن عسكر متصرِّفا على منطقة الجبل الغربي، ممَّا تسبَّب في نشوب حرب قبلية ضارية بين الأهالي، ما بين قابل ورافض. ولقد أتت هذه الحرب على الأخضر واليابس، وتسبَّبت في إبادات جماعية هائلة، وكانت السبب كذلك في تعصُّب بعض المؤرِّخين للمقاومة الليبية ضدَّ زعماء وطنيين أمثال: سليمان الباروني باشا، وخليفة بن عسكر... وغيرهما.

والمهمُّ أنَّ الجيش الإيطالي بزعامة الكوولنيل غراساي والقبطان كورو ألقى القبض على ابن عسكر في 28 ماي 1922م، وتمَّت محاكمته ليلة 11 ماي 1922م، وأقيم عليه حكم الإعدام شنقا، فنفِّذ في الساعة التاسعة والربع من يوم 20 سبتمبر 1922م أمام حشد من المواطنين في ساحة سوق الزاوية.

المصادر:

*د/ فتحي ليسير: خليفة بن عسكر النالوتي؛ المجلة التاريخية المغاربية؛ عدد 79-80، سنة 1995م، ص567-615 *القشاط محمَّد السعيد: خليفة بن عسكر، الثورة والاستسلام *المرزوقي محمَّد: دماء على الحدود *التليسي خليفة محمَّد: معجم معارك الجهاد في ليبيا 1911-1931،
*Archives nationales d¢Outre Mer, Aix-en-Provence, Série H, Sous Série 26H. *P.Granchamp: Kalifa ben Said ben Asker. In chronique de Libye (Cher le voisin). arti paru dans la Tunisie Française, 3eme année (1923); Tunis, 1924, p51.