صدر للدّكتور محمّد بن قاسم ناصر بوحجام كتاب، عنوانه: "منهج الشّيخ بيّوض في الإصلاح والدّعوة" نشر جمعيّة التّراث، بالقرارة ولاية غرداية، الجمهورية الجزائرية.
الكتاب يقع في 254 صفحة. عرض فيه تجربة أحد روّاد الإصلاح، وأفكار أحد أساطين الدّعوة في العصر الحديث، ومنهج أحد أقطاب الفكر التّربوي في القرن العشرين، الذين أسهموا إسهاما كبيرا في تطوير العمل التّربوي، ودفعوا بعجلة الدّعوة والإصلاح خطوات كبيرة في الطّريق الصّحيح. إنّه العلاّمة فضيلة الشّيخ إبراهيم بن عمر بيّوض – رحمه الله – (1316 –1401هـ / 1899–1981م )

أبرز من خلال هذه الدّراسة أساليب الشّيخ في التّربية والتّوجيه والإعداد والتّكوين، ووسائله في الدّعوة والإصلاح، وعرض أفكاره، وملاحظاته في هذا المجال. وبما أنّ الهدف من هذه الدّراسة هو إفادة من يسير في هذا الطّريق – كما يقول الباحث -  فقد توسّع في الحديث عن منهج الشّيخ بيّوض، فتناول بعض المحطّات في حياته؛ بما يوضّح منهجه، ويعين القارئ على إدراك طبيعته، حتّى يزيل الغموض والإيهام عن حقيقة هذا المنهج، ويرفع الإبْهام عمّن لم يعرف البيئة التي تحرّك فيها الشّيخ بيّوض، ولم يفهم المنطلقات التي انطلق منها في عمله، ويدفع الأوهام عمّن لم يدرك الأهداف التي كان يرمي إلى بلوغها، ولم يستوعب الأساليب التي كان يسلكها... وليُتَعرّف على الأفكار التي كان ينادي بها، والآراء التي كان يصدح بها.
 عرض في هذا البحث مفهومه للإصلاح والدّعوة، بعد أن ذكر المفهوم العام لهما، والمواصفات أو الخصائص والشّروط والواجبات المطلوبة في الدّاعية والمصلح. وخلص في النّهاية إلى أنّ  مفهوم الدّعوة والإصلاح شيئ واحد في منهج الشّيخ بيّوض.
كما اجتهد في تحديد منطلقاته والأولويات التي وضعها نصب عينيه، وتعديد مميّزاته التي تميّز بها، وذكر شيئا عن حياته العلميّة، وفترة تعلّمه، وأحصى بعض الكتب التي درَسها على أساتذته، والتي قرأها بنفسه، من دون الاستعانة بأحد. وأشار إلى تعليمه، وذكر بعض الكتب التي درّسها، والنّتائج التي تحقّقت؛ فكان كلّ ذلك من أسباب تكوّنه؛ ممّا كان له الأثر الكبير في حياته العمليّة.
ثمّ سرد  الهياكل التي سخّرها لتطبيق منهجه، وحلّل نظرته إلى العمل المؤسّساتي، وفلسفته في ذلك؛ ممّا كان له دور كبير في نجاحه في ميدان الإصلاح والدّعوة والتّوجيه والإرشاد. كما خصّص مبحثا للمسجد، الرّكيزةِ الأساسِ في نشاط الشّيخ بيّوض، وفصّل بعض القول في طبيعة دروسه، التي تمكّن من خلالها أن يجعل المسجد جامعة مفتوحة، يفيد منها كلّ من يؤمّه، بل لقد استطاع أن يردّ للمسجد مكانته ودوره الرّيادي.
وبما أنّ الشّيخ مصلح مربٍّ في الدّرجة الأولى، وأنّ هذا البحث أصلا قصد به تقديم مساعدة للمربّين والمرشدين والموجّهين؛ لمواجهة التّحدّيات في عالم يتغيّر كلّ لحظة، وفي مختلف المجالات، فقد خصّص مبحثا للتّربية والتّعليم في منهج الشّيخ: تنظيرا وممارسة، وأردفه بمبحث عن الشّباب، المعنيّين بالعمليّة التّربويّة والإصلاح، الشّباب عمدة الأمّة وذخرها. فكشف بذلك عن مكانة الشّباب في منهج الشّيخ بيّوض. ثمّ أنهى هذه المحاولة في رصد هذا المنهج بخاتمة لخّصت النّتائج، وعيّنت المقصد من هذه الدّراسة.                                                                                          
    خلُص في النّهاية إلى أنّ  الشّيخ بيّوض كان داعيّا إلى الله قديرا، ومصلحا اجتماعيّا كبيرا، وقائدا للأمّة جديرا. ومربّيا للنّفوس كفئا، ومرشدا واعظا مقتدرا، ومعلّما مربّيا محنّكا. وأنّ دوره  في المحافظة على المجتمع أصيلا في مبادئه، محتفظا بمقوّماته العربيّة الإسلاميّة كان كبيرًا.
من هنا ينكشف لنا فضله في تطويره في إطار الأصالة والمعاصرة. ويظهر لنا عظيمًا؛ إذ بقيت أفكاره حيّة في النّفوس، وظلّت المؤسّسات التي أنشأها، أو أشرف على تأسيسها أو باركها... ظلّت باقية، مستمرّة في العطاء، سائرة في التّطوّر. فكان من الرّجال الخالدين الذين لا تنقطع أعمالهم بوفاتهم. تمثّل ذلك فيما تركه من ثروة هائلة من العلم، ورصيد كبير من الرّجال الذين أعدّهم وكوّنهم، وذخيرة ضخمة من التّجارب، ومنهج واضح ومحكم في المجال الدّعوي والإصلاحي، كان وسيظلّ معينا ينهل منه من يريد السّير بسلامة في طريق العمل المنظّم المخطّط.

اسم الكاتب