حان الموعد السّنوي للقيام بزيارة مسقط لعرض بعض جهود الجزائر في نشر الكتاب، فشدّت جمعيّة التّراث (التي مقرّها مدينة القرارة، ولاية غرداية) للمشاركة للمرّة الخامسة في معرض مسقط الدّولي للكتاب، لتضمن حضور الجزائر في هذه المناسبة المهمّة، فوجد ت معها - هذه المرّة - مكتبة نادي التّرقّي، فكانت ثانية اثنتين من الجزائر، وهي التي كانت تشعر بالوحدة، وتعاني من الوحشة، في فضاء واسع، يقدّم فيها كلّ بلد عشرات من دور النّشر، لتبين عن ثقافته، وتعرض فكره، وتسهم في التّعريف بشخصيته ونشاطه في المحافل الدّولية...
لقد كان وجود مكتبة نادي التّرقي في المعرض خير مؤازر لجهود جمعّية التّراث الفردية الخاصّة، وخير مؤنسٍ ومواسٍ لها فيما تعانيه من صعوبات في المشاركة في محفل دولي، وخير محفّز لها أن تواصل التّحديّات الكثيرة التي تثبّط العزائم، وتبعث على اليأس، وتدفع إلى ترك الميدان، والتّخلّي عن الحضور إلى معرض للثّقافة، وشهود منتدًى لتسجيل اسم الجزائر، ورفع علمها بجنب أعلام الدّول الأخرى.. تجتهد الجمعيّة وتجاهد وتسابق في هذا المضمار، وتتسلّق كلّ الأسوار، وتتحمّل كلّ الأضرار...؛ حتّى لا يسجّل عليها غياب عن ساحات الفكر، وميادين النّشاط، وحقول المعرفة...وتضمن للجزائر الحضور في هذه المناسبة السّنوية المهمّة.
بالنّسبة لسلطنة عمان التي تربطها بالجزائر علاقات فكرية وثقافية ضاربة في أعماق التّاريخ، ترجع إلى بداية القرن الثّاني للهجرة، وهي متواصلة ومتطوّرة، ومقبلة على مزيد من النّموّ، في مختلف المجالات، وعلى كثير من الأصعدة..لا يمكن أن تتخلّف الجزائر عن المناسبات التي تثبّت هذه العلاقة، وتدعم هذا التّواصل، وتعين على نموّ العمل المشترك في تبادل المنافع بين البلدين الشّقيقين...ومعارض الكتاب هي إحدى هذه الدّعائم والوسائل في كلّ هذا. فلا يمكن أن نتخلّف عنها؛ مهما تكن الأسباب، ومهما تكثر التّحدّيات، ومهما تكبر الصّعوبات، ومهما تقتر المساعدات...
شكرًا لمكتبة نادي التّرقي على هذه المؤازرة، إنّ فضلها كبير بهذه المبادرة. عسى أن يرتقي عدد الدّور الجزائرية التي تشارك في المعرض مستقبلاً إلى ثلاثة وأربعة وخمسة، وإلى العدد الذي يرقى إلى مستوى سمعة الجزائر الفكرية والثّقافية. فكم يحزننا أن تشارك دولة واحدة كمصر مثلا وسورية ولبنان والأردن والسّعودية وإيران...بعشرات الدّور، والجزائر لا تظهر إلاّ بدار واحدة يتيمة بين لداتها من المكتبات الأخرى. كما تتأسّف جمعيّة التّراث وتتحسّر أنّها تعاني في كلّ مرّة من مشاكل في التّحضير للمشاركة في معرض دولي للكتاب، ولا تجد مساعدات من الجهات المعنية، فتجدها تتحرّك بإمكاناتها المحدودة جدًّا ماديًا ومعنويًّا، وتتصدّى وتتحدّى مشاكل جمّة في سبيل ضمان ارتفاع علم الجزائر خفّاقًا شامخا في سماء المعرض، والحرص على تنبيه القاصي والدّاني أنّ الجزائر تملك مقوّمات فكرية وثقافية وحضارية هائلة وقيّمة، تحتاج إلى بذل مزيد من الجهد والعمل لعرضها في فضاءات متخصّصة كمعرض الكتاب.
مثّل جمعيّة التّراث في المعرض رئيسها الدّكتور محمد بن قاسم ناصر بوحجام، والأستاذ محمد بن أحمد جهلان أمينها العام، والفاضل إدريس بن محمد مسعودي. وكان للأخ الكريم صالح بن قاسم الرّاعي عمل كبير في الإعداد للمعرض – بخاصّة -، كما قام الأخ عمر بن الحاج فخار في الجزائر بإعداد الكتب لشحنها إلى مسقط، بالتّعاون مع الأستاذ محمد بن أحمد جهلان.
شاركَنَا في المعرض إخواننا من الجالية الجزائرية المقيمة بسلطنة عمان، وقد بذلوا جهودًا كبيرة مضنية في هذه المشاركة، إذ سخّروا كلّ إمكاناتهم في ذلك، وكانوا لنا نعم المعين، ونعم السّند، ونعم الرّجال المغتربون الذين يعرفون واجباتهم نحو أبناء وطنهم، الذين يزورونهم حيث يقيمون، مهما تكن أسباب الزّيارة..جزاهم الله خيرًا، وأثابهم أجرًا، ورفعهم قدرًا، دنيا وأخرى.
أقيم معرض مسقط الدّولي للكتاب السّابع عشر في مركز المعارض بمسقط ما بين 06 و 16 من ربيع الثّاني 1433هـ/ 28 من فبراير و09 من مارس 2012م. شاركت فيه خمس وعشرون دولة.
الإقبال على المعرض كان أقلّ من العام الماضي، هذه الملاحظة كانت محلّ اهتمام كثير من العارضين، وكثير من الزوار ، والعام الماضي كان عدد زائري المعرض أقلّ من العام الذي قبله. هذا التّراجع كان محلّ تساءل أهل الدّار، الذين دعوا إلى البحث عن الأسباب الحقيقية. أمّا جناح جمعيّة التّراث فكان على العكس من ذلك. عدد زوّاره في تضاعف في كلّ سنة، والبحث عن الكتاب الجزائري في تزايد، والرّغبة في معرفة كلّ شيء عن الجزائر تكبر دومًا ، وتتّسع من مختلف الفئات التي تقصد المعرض بعامة، والجناح بخاصّة، ومن مختلف أبناء العالم الإسلامي بخاصّة، الذين يشترون الكتاب بكميّات كبيرة...ما يجعل مسؤولياتنا نحو ثقافتنا وفكرنا، ونشاط من يعمل ويكتب ويؤلّف وينشر...كبيرة وعظيمة، تفرض علينا العمل المستمرّ في التّعريف بكلّ ذلك وبشتّى الطرق الممكنة، والوقوف مع من يتحرّك في هذا السّبيل، من ذلك الاهتمام بالمعارض الدّولية للكتاب.عسى أن تكون الخطوات المقبلة مشجّعة على الاستمرار في الدّأب، دأب النّحل، من دون كلل، ومحفّزة على مواصلة الدّرب، فكلّ من سار على الدّرب وصل.
إنّ المشاركة في المعارض ليست بالشّيء الهيّن، ولا بالأمر السّهل، فدون ذلك خرط القتاد، والمشي على الشّوك، فنتاج المعرض زهرة موضوعة على شوك، دون الحصول عليها وخزات، تصيب الأيدي التي تمتدّ إليها لتقطفها. ومحصول المعرض أيضًا تَمَرٌ تحيط بها إبر، دون جنيها لسعات، تنال من يخترقها قبل الظّفر بالمطلوب..
هذا ما يحدث لنا كلّ مرّة، نشارك فيها في معرض الكتاب. هذه السّنة كان وقع هذه الوخزات واللّذعات والضّربات واللّسعات شديدًا. بداية التّحضير كان في شهر نوفمبر 2011م، ليتأخّر وصول ما أعددناه من الكتب إلى يومين قبل انتهاء المعرض، أي وصلت كتبنا إلى جناحنا عصر يوم الأربعاء 07 من مارس 2012م.
أسباب هذا التّأخّر والتّعب والنّصب كثيرة ومتنوّعة في أشكالها وطبيعتها. في البداية اتّفقنا مع صاحب دار ليتولّى إجراءات شحن الكتب إلى مسقط. وعدنا وأكّد لنا استعداده للقيام بالمهمّة، فأحضرنا له دعوة للمشاركة في المعرض. فكان يماطل ويسوّف. ولم يتحرّك بشكل جدّي في الموضوع...بعد شهر ونصف سافر إلى خارج الوطن، وتركنا ننتظر، من دون أن يبيّن لنا ماذا هو فاعل بنا، أيطلّقنا أم ينطلق معنا..فاضطررنا بعد هذه المدّة أن نبحث عن دار نشر أخرى، لتسعفنا بسرعة فنضمن المشاركة في معرض مسقط قبل فوات الأوان.
اتّصلت بصهري عبد الوهّاب بن عبد الحميد حمدي أبو اليقظان، وحدّثته في الموضوع، وذكرت له ما حلّ بنا، وما حدث لنا، فقال لي: غدًا سأردّ عليك إن شاء الله، فعلاً لم تمرّ أربع وعشرون ساعة حتّى وافانا بالدّار التي يمكن لها أن تقوم بالمهمّة، فكانت دارَ العالمية للطّباعة والخدمات (mps) لصاحبها عيسى بن محمد عيسى وموسى، جزاهما الله كلّ خير.
حلّت المشكلة الأولى، فجاءت الخطوة التّالية وهي إجراءات شحن الكتب الرّوتينية، هي مراحل تفرضها القوانين الجزائرية. وتأخذ وقتًا طويلاً، وتسبّب إرهاقًا وعنتًا كبيرين. تمّت العمليّة. فحمدنا الله على تحقيق المأمول، ووصول كتبنا إلى مطار هواري بومدين بالعاصمة، وكلّل العمل المضني بتهيئة البضاعة والكراتين، وتسليمها إلى شركة الخطوط الجويّة الجزائريّة؛ لشحنها في الطّائرة المغادرة إلى إستنبول، ثمّ إلى مسقط مع شركة الخطوط الجويّة التّركية، تسلّمنا الوصل الذي يثبت دفع كلّ المصاريف، والتّأكيد على موعد إقلاع الطّائرة في الاتّجاه المذكور.
تنفّسنا الصّعداء، وهدأت أعصابنا، التي ظلّت مشدودة ومتوتّرة ما يزيد عن ثلاثة أشهر. الأخ عبد الوهّاب يقوم بالعمليّة، أنا والأستاذ محمد جهلان نتابعها ونوجّهها بالهاتف، وبالبريد الإلكتروني، وببعض التّحرّكات بين القرارة والجزائر العاصمة، ومسقط...
بعد أسبوع من إتمام العمليّة، وفي انتظار أن يأتينا خبر من مسقط، يطمئننا أن الكتب وصلت إلى مسقط، نفاجأ أنّ البضاعة ما تزال في مطار الجزائر؛ لأنّ الجمارك لم تعطِ الموافقة على شحنها. أصابتنا خيبة أمل، وكاد اليأس يدخل نفوسنا في عدم وصول الكتب إلى معرض مسقط في الموعد. هذه محطّة أخرى من محطّات الإرهاق النّفسي، والتّوتّر العصبي، اللّذين يحطّمان المجهودات، ويهشّمان الإرادات.
بعد أيّام يخبرني الأخ عبد الوّهاب أنّ الفرج أتى من عند الله، ففد أفرج عن البضاعة، وسمح لها أن تمتطي الطّائرة، بعد أن تكرّمت الجمارك بإعطاء الرّخصة لذلك. ارتاحت نفوسنا، وفرحنا كثيرًا، فإنّ بضاعتنا ستسبقنا إلى مخزن مركز المعارض بمسقط؛ لأنّ الشّركة التّركية ستوصلها إلى نقطة الوصول بعد يومين فقط، ونحن الذّين سننطلق إلى مسقط بعد أربعة أيّام بإذن الله,
سافرت أنا وزوجي والأخ إدريس مسعودي إلى مسقط (عن طريق الدّوحة) يوم الأحد 26 من فبراير 2012م، ليلحق بنا الأستاذ محمد جهلان يوم 27 من فبراير. وصلنا يوم الاثنين. سألنا عن الكتب في المعرض، فقال لنا المسؤولون لم يصل شيء منها إلى مطار مسقط الدّولي.. ما هذا الخبر؟ وما هذه المشكلة الأخرى؟ افتتح المعرض يوم الثّلاثاء 28 من فبراير وكتبنا لم تصل.
من حسن حظّنا أنّ مجموعة من الكتب بقيت من العام الماضي، وبعضها أرسلناها مع المسافرين، عرضناها وحفظنا بها ماء وجهنا؛ آملين أن تصل كتبنا قريبًا..
في كلّ لحظة كنّا نراجع لجنة المعارض والمسؤولين المكلّفين باستلام الكتب في مطار مسقط الدّولي، والقائمين في مخزن الكتب بالمعرض، وكان الجواب في كلّ مرّة: لا جديد في الموضوع.. نتّصل بالأخ عبد الوهّاب في الجزائر، هو بدوره يتّصل بالمسؤولين في قسم الشّحن بمطار هواري بومدين، فيؤكدون له أنّ البضاعة خرجت من الجزائر يوم 26 من فبراير، ووصلت إلى مطار مسقط بوم الاثنين 27 منه.
انتابتنا حيرة وقلق على مصير كتبنا، وعلى عدم ضمان إمكانية مشاركتنا في المعرض أصلاً، بعد كلّ ما بذلناه من جهود، وما نالنا من متاعب، وما تعرّضنا له من مصاعب.كما ذهبت بنا الشّكوك مذاهب شتّى، وسافرت بنا طرائق قددًا، وزادت في سوء الظّنّ صُعُدًا. وبدأنا نكيل التّهم جزافًا، مرّة نقول: إنّ التّقصير من القائمين على استلام الكتب في مطار مسقط الدّولي، وليست لهم دراية بحقيقة عملهم، بعد أن أكّد المسؤولون في قسم الشّحن بمطار هواري بومدين أنّ الكتب وصلت مطار مسقط الدّولي.. ومرّات كنّا نلوح باللاّئمة على شركة الخطوط التّركية، إذ لم تقم بواجبها في نقل الكتب إلى مسقط، وأخرى كنّا نرسل الاتّهامات إلى كلّ من يخطر ببالنا أنّه المتسبّب في تأخّر وصول الكتب إلى جناحنا في معرض الكتاب...
في هذه الأثناء كان يتوافد علينا الزّوّار الذين أتوا بطلباتهم مكتوبة في قوائم، آملين في اقتناء كتب قدمت من الجزائر، في مناسبة لا تأتي إلاّ مرّة واحدة في السّنة. وكنّا نقدّم أعذارنا عن عدم وصول الكتب، بدل أن نقدّم لهم الكتب نفسها، فيرجعون بخفَّي حنين، يدٌ فارغة وأخرى لا شيء فيها، والحسرة تملأ نفوسهم، والأسف يطفو على وجوههم، ونحن بين خجل من عدم تلبية طلبهم وردّهم من دون الحصول على شيء، والأسى على ما آلَ إليه الأمر من الاستهتار والانهيار في القيم، وعدم القيام بالواجب..
كان الزّوّار يراجعوننا كلّ يوم، ويكون الجواب كلّ مرّة الكتب لم تصل، هي قابعة في مطار استنبول، كما قيل لنا.. وكان تعليق بعضهم: لماذا أنتم بدعٌ من العارضين، كلّ سنة تواجهون المشكلة نفسها، دبّروا أمركم بإحكام، وقوموا بواجبكم في متّسع من الوقت، واعتبروا بما سبق، ولا تكرّروا الأخطاء، التي تسبّب لكم الأخطار كلّ عام!!
لسان حال هؤلاء يقول: أنتم مقصّرون في القيام بالواجب، أو أنتم غير قادرين على أداء المهمّة، أو ناقصو الدّراية بشؤون المعارض، أو غير متحمّلين للمسؤولية كاملة... إلى غير ذلك من التّفسيرات والتّأويلات التي تزيد إلى همّ تأخّر وصول الكتب غمّ الاتّهام بالضّعف في الأداء، والعجز عن القيام برسالة المعرض... إنّ هذا قد يدعّنا دعًا إلى التّوقّف عن المشاركة في المعرض مستقبلاً؛ اتّقاء للمشاكل، وتجنّبًا للإحراج.
يحدث كلّ هذا لأنّ العين بصيرة واليد قصيرة، ولأنّ الجهات التي كان عليها أن تساعد جمعيّة التّراث في هذا الواجب الكبير، والحمل الثّقيل تغيب عن السّاحة، ولا تتحرّك لتساعدها في هذه الرّسالة التي تقوم بها لخدمة وطننا الحبيب الجزائر.
المهمّ إنّ الأيّام تمرّ عجالا، والكتب وضع عليها التّقاعس عقالا، فحدث لها ما حصل لحمار الشّيخ الذي توقّف في العقبة، فوقف بها المسير في منتصف الطّريق، في مطار إستنبول، وكدنا نردّد مع الشّاعر:
أَلاَ ذَهَبَ الحِمارُ بِأُمّ عَمْـــــــرٍو فَلاَ رَجَعَتْ، ولاَ رَجَعَ الحِمــــــارُ
عسى هذه الأمنية تبعد عنّا إرهاق أنفسنا في التّفكير عن وسيلة لحلّ المعضلة، التي لا يبدو معها الفرج قريبًا، فكلّ المحاولات التي قام بها الإخوة في مسقط والجزائر لم تأتِ بنتيجة.
لا ننسى أبدًا وقوف المسؤولين على معرض مسقط بكلّ جديّة معنا في هذه المحنة، فكانوا يتردّدون بين مركز المعارض ومطار مسقط الدّولي، ولم ينفكّوا ولم يتوقّفوا عن الاتّصالات مع إستنبول، ولا تكون المحصّلة إلاّ غياب الحقيقة عن مسير الكتب ومصيرها. حتّى غدت هذه المعضلة حديث موظّفي المطار، وقد سمّوها " موضوع الجزائر".
حاول الأستاذ محمد جهلان معرفة مسار رحلة الكتب، وداوم البحث بكرة وعشيًّا، فكان ردّ الآلة الصّمّاء، جهاز الكومبيوتر: إنّ رحلة كتبكم توقّفت في تركيا. هل مواصلة سيرها سيكون أمرًا عصيًّا؟
بقيت هناك عدّة أيّام، وإذا اتّصلنا بمطار الجزائر بواسطة الأخ عبد الوهّاب يكون التّأكيد: إنّ الكتب موجودة في مطار مسقط. أمر محيّر، وشيء غريب يحدث في عالم الاتّصالات الدّقيقة والسّريعة، كلّ شيء يسير بدقّة، وينتقل سريعًا، إلاّ كتبنا خالفت هذه القاعدة، وقعد بها الإهمال عن متابعة السّير نحو الوجهة المقصودة.. ما هذا الذي يحصل لنا من دون المشاركين في المعرض؟!.
بعد دأب وعمل مستمرّ متواصل في كلّ الاتّجاهات، تبيّن أنّ الخلل كان في سوء التّنسيق بين شركة الخطوط الجويّة الجزائريّة وشركة الخطوط الجويّة التّركيّة، إن الحجز لم يكن مؤكّدًا بين إستنبول ومسقط؛ رغم ادّعاء الجويّة الجزائرية أنّ الكتب وصلت مسقط يوم 27 من فبراير. فما هذه المفارقة الغريبة؟ أكرم بالجودة وإتقان العمل! وأنعم بحسن التّعامل مع الزّبائن! .. فمن المسؤول عن هذا الإهمال؟ الله أعلم به منّا، وربّما من الشّركتين أنفسهما، أو من إحداهما... مهما يكن المسؤول عن هذا، فإنّ النّتيجة واحدة هي أنّ المتضرّر هو جمعيّة التّراث، التي أحرجت أمام زبائنها الأوفياء..
عرفنا الآن – وبعد ستّة أيّام من افتتاح المعرض – أنّ الكتب قد قطعت نصف الطّريق – والحمد لله - وربّما عرضت هناك بدلا من مسقط! سؤالنا تحوّل إلى الآتي: متى تنطلق من إستنبول صوب نقطة النّهاية، فنكون قد نعمنا وظفرنا بالعناية، فتنتهي أتعابنا، وترتاح أعصابنا؟!! استفسرنا عن ذلك فكان الجواب: لا يوجد مكان لبضاعتكم في الطّائرات المغادرة إلى مسقط. نحن نرقب وننتظر اليوم الذي تتاح فيه فرصة لذلك. هل هذه الفرصة ستحصل؟ الله أعلم! تجدّد قلقنا، وضاقت علينا الأرض بنا رحبت، وضقنا ذرعًا من هذه المحطّات المزعجة المرهقة، التي أخّرت وصول الكتب..
هل نفقد الأمل في وصول بضاعتنا. ونحرم من عرضها؟ هل يكون قدومنا إلى مسقط من دون فائدة؟ ويكون رجوعنا إلى بلدنا من دون نتيجة؟ جهود بذلت، وأوقات صرفت، وأموال قدّمت، ووعود أعطيت، فبأيّ ذنب يُوأَدُ كلّ هذا؟ هل نيأس ونوقف البحث والتّحرّي عن الخلل؟
الأزمة اشتدّت، إذن الفرج يأتي بإذن الله، العسر امتدّ بنا، إذن اليسر إثره يحلّ، فإنّ بعد العسر يسرًا.إنّ الأمل يبقى عالقًا بالنّفوس، فإذا اشتدّ اللّيل فاذن بفجر مشرق ونهار وضّاح.
حلّت ظهيرة يوم الأربعاء: 07/03/2012م، (يومان قبل إسدال المعرض ستاره وإغلاق أبوابه) هتف إلينا الأخ خليفة (المنسّق بين مطار مسقط ومركز المعارض) وقال: بضاعتكم وصلت الآن، أسرعوا لنقلها إلى جناحكم قبل فوات الأوان، وإلاّ ضاعت عليكم الفرصة (التي ذهب منها تسعة أعشارها)، حسبنا الله ونعم الوكيل.
حمدنا الله على انفراج الأزمة، وزوال الغمّة، وحلول النّعمة...أظهر الإخوان العزم والهمّة، وانطلقوا مسرعين مهطعين إلى داعي الخير، إلى مطار مسقط، فقاموا بتخليص البضاعة ووضعها في شاحنة، قادمين مهلّلين مستبشرين بالظّفر والانتصار على اليأس والتّغلّب على النّصب والتّعب، فوضعوا الكتب في جناحنا والحمد لله.
كان حظّنا أن نعرضها في يومين، بدلاً من أحد عشر يومًا، وأن نبيع منها جزءًا، لا كلّها أو معظمها، بحسب طلبات الزّوّار، كما كان علينا أن ندفع غرامة على التّأخّر في وصول البضاعة إلى مصلحة الشّحن في مطار مسقط، ونحن لم نكن السّبب في هذا.
هذه هي التّراجيديا التي عشناها، هذه هي قصّة انتقال كتبنا من الجزائر إلى مسقط، وهذه هي الضّريبة التي يدفعها من لا معين له من السّلطات المعنية، وهذه هي الأتعاب التي يلقاها من لا وليّ له في أمر تسويق ثقافته خارج وطنه..وهذه هو الجزاء الذي يناله من يريد أن يقوم برسالته نحو فكره وهويّته، ولا يجد المساندة ممّن هو مسؤول عن ذلك..
هذه العقبات، وهذه المطبّات، وهذه المفاجآت أدارت في نفوسنا هواجس بأن نتوقّف عن المشاركة في المعارض نهائيّا. القرار النّهائي نتركه لما تكشف عنه الأيّام المقبلة، فالدّهر أمّ العجائب، قد يقرّ هذه الفكرة، وقد يقدّم رؤية أخرى في المشاركة، أو يعدّل في طريقة الحضور في المعارض..
إذا قوّمنا مشاركة جمعيّة التّراث في معرض مسقط الدّولي للكتاب السّابع عشر نجدها متميّزة، بالنّظر إلى السّمعة الطّيّبة التي تحتلّها في نفوس زائري المعرض من مختلف الجنسيات، وبالنّظر إلى حسن تمثيل الجزائر، بما تقدّمه من إصدارات قيّمة.
1 - شاركت الجمعيّة بثمانين ومائة عنوان (180)، منها واحد وخمسون عنوانًا جديدًا (51)، أغلبها من نشر الجمعيّة.
2 – هذه هي المشاركة الخامسة للجمعيّة في معرض مسقط للكتاب، وفي كلّ سنة يزداد الإقبال على جناحها فيه.
3 – تمكّنت من تقديم الوجه المشرّف للثّقافة الجزائريّة، والتّعريف بما تزخر به الجزائر من إمكانات لتطوير آفاق التّعاون والتّبادل الثّقافي بينها وبين الدّول العربيّة، وهي أمانة تقدّمها إلى المسؤولين في بلدنا الحبيب، ومسؤولية يجب أن تنهض بها..
4 – جناح الجمعيّة تحوّل - كالعادة – إلى منتدى بمناقشة موضوعات مختلفة، وعرض مشروعات بحثيّة، وتقديم مقترحات فكرية وثقافية لتطوير البحث العلمي.
5 – كانت مناسبة مشاركة الجمعية في المعرض (وفي كلّ مرّة) فرصة لأبناء مجلس دول التّعاون الخليجي – بخاصّة - لاقتناء كتبها. فكان الأفراد والمؤسّسات تشتري الكتب بكميّات كبيرة.
6 – أثار حضور الجمعيّة في المعرض فضول الزّائرين للسّؤال عن الجزائر في مختلف المجالات، كما كان ذلك في كلّ معرض شاركت فيه الجمعيّة، نعيد هذه الملاحظة كلّ مرّة، لأنّ هذا الفضول يزداد كلّ سنة. هذا دليل على أنّ الجمعيّة أحسنت تمثيل الجزائر في هذا المحفل الثّقافي، ألا تستحقّ التّكريم، وفي أضعف الإيمان المساعدة والمساندة والمعاضدة...
7 – على الجمعيّة أن تسعى إلى تطوير إخراج الكتب شكلاً لتساير العصر في تجدّده، وتنافس الدّور العربيّة في هذا المجال، ولتظهر بالمستوى اللاّئق بسمعتها، ولتبرز كتبها بالقدر المناسب لمضامينها.
8 – يجب أن تفكّر الجمعيّة بجدّية في التّخصّص في مجالات معيّنة ليكون عملها أكثر جدوى، وأكثر تركيزا.
9 – هي حاجة في إلى مساعدات ماديّة لتنطلق بقوّة في تنفيذ مشروعاتها وبرامجها المعطّلة؛ بسبب قلّة الموارد المالية. فهي لا تملك مقرًّا، فضلاً عن المتطلّبات الأخرى.
إلى جانب حضور معرض الكتاب كانت لنا بعض الأنشطة واللّقاءات العلمية والفكرية والأخويّة، التي تخدم الفكر والعلم والتّواصل الحضاري بين المشرق والمغرب الإسلاميّين:
1 – التقينا بالجماعة التي تشتغل في مشروع تحقيق قاموس الشّريعة، والمنسّق المشرف عليه الأستاذ إبراهيم بن محمد لعساكر، وكان لنا مع الإخوة حوار علمي فكري مفيد وممتع.
2 – لقاء مع سماحة المفتي العام لسلطنة عمان الشّيخ أحمد بن حمد بن سليمان الخليلي، أطلعنا على آخر كتاباته، وقرأ علينا صفحات منها. إلى جانب مسائل أخرى حاورنا فيها الشّيخ.
3 - زارت المعرض شخصيات علمية كثيرة، وكانت لنا معها أحاديث ومناقشات، من بينها الشّيخ سعيد بن مبروك القنّوبي، الذي اشترى مجموعة كبيرة من الكتب وبخاصّة كتب المشايخ: إبراهيم بيّوض، وعبد الرّحمن بكلّي، وحمّو فخّار...وما تعلّق بوادي ميزاب.والدّكتور سيف بن سالم الهادي مقدّم برنامج "سؤال أهل الذّكر" لفضيلة الشّيخ أحمد بن حمد الخليلي في تلفزيون سلطنة عمان. والأستاذ سالم بن خميس الجديدي، الذي يعدّ مشروع جمع خطب الجمعة للعمانيّين والجزائريّين، وطلب منّا مساعدته في هذا العمل. كما زارنا كثير من طلبتنا الذين درّسناهم في كليّة التّربية بمدينة نزوى، وهم الآن أساتذة وإطارات فاعلة في وطنهم عمان.
4 – لقاءات مع المدير العام لمعهد العلوم الشّرعيّة الشّيخ عيسى بن يوسف بن سلطان البوسعيدي. تمحور الحديث في عمومه حول التّعاون بين معهد العلوم الشّرعيّة والمعاهد التّعليمية في الجزائر.. و مناقشة بعض المسائل العلمية البحتة.
5 – اجتماع برئيس جامعة نزوى الدّكتور أحمد بن خلفان الرّواحي، فيه عرضنا لمسائل تخصّ جامعة نزوى وكليّة المنار للدّراسات الإنسانية، وإجراءات قبول طلبة جزائريّين في مرحلة الماجستير بجامعة نزوى.
6 - لقاءات مع الأستاذ حمود بن عبد الله الرّاشدي مدير دائرة المخطوطات بوزارة التّراث والثّقافة العمانية. تحدّثنا في مسائل تحقيق المخطوطات، وطرق التّعاون بين جمعيّة التّراث ووزارة التّراث في إقامة مشروعات مشتركة في التّحقيق والبحث العلمي...
7 – لقاء مع الأستاذ محمد بن سالم بن عبد الله الحارثي (تلميذنا الوفيّ)، رئيس تحرير المجلّة الثّقافية العمانية، عضو لجنة تأسيس كليّة السّلطان قابوس للّغة العربيّة لغير النّاطقين بها. كان الحديث القصير قد دار حول كليّة اللّغة العربية، ومجلّة الثّقافية والتّطوّرات التي حصلت للمجلّة وآفاقها المستقبلية، وإمكانية التّعاون معها..
8 – لقاءات مع الشّيخ طالب بن خلفان بن سالمين الضّامري، صاحب مكتبة الضّامري للنّشر والتّوزيع. كان موضوع النّشر هو الموضوع الرئيس الذي تناولناه، إلى جانب هموم الكتاب والتّأليف، ماذا نكتب؟ ماذا نطبع؟ كيف ننشر؟...
9 – لقاء مع الشّيخ أحمد بن سعود السّيّابي الأمين العام لمكتب الإفتاء بوزارة الأوقاف والشّؤون الدّينية. كان الحديث حول التّأليف في الفكر الإباضي حاضرًا ومستقبلاً.
10 – لقاء مع معالي الدّكتور يحيى بن محفوظ المنذري رئيس مجلس الدّولة العماني، تجاذبنا أطراف الحديث في موضوعات مختلفة، من بينها مجالات التّعاون بين الجزائر وسلطنة عمان، الذي يحتاج إلى جهود وإرادات متبادلة بين البلدين، وبخاصّة في الميدانين الثّقافي والاقتصادي..
11– لقاءات مع الفاضل خليل بن الكندي صاحب مكتبة الجيل الواعد، التي دارت كلّها حول موضوع إيجاد سبل لوجود كتب جمعيّة التّراث في سلطنة عمان؛ لكثرة الطّلب عليها. وقد أبدى استعداده لمساعدتنا في هذا، وفتح لنا المجال بتسلّم مجموعة من كتب الجمعيّة وبيعها في مكتبته.
12 – حضور جلسة علميّة أدبيّة، في إطار النّدوة الأدبيّة الأسبوعيّة التي يقيمها الأستاذ الأديب يوسف بن أحمد امبوعلي كلّ يوم ثلاثاء في منزله، هذه المرّة كانت في باحة محيطة بمسجد السّيّدة ميزون، وكان الموضوع الرّئيس مناقشة عنوان أطروحة الدّكتوراه التي يعدّها الأستاذ يوسف امبوعلي، وعنوانها: "أزمة الفكر السّياسي الإباضي في القرن الثّاني الهجري". صحّة هذا العنوان من خطئه، ماذا يمكن أن يتناول فيه... احتدّ النّقاش فيه، وتباينت آراء الحاضرين في هذه الجلسة العلميّة القيّمة...
13 – لقاء مع الشّيخ ماجد بن سعيد الرّواحي، مستشار في وزارة البلديات والموارد المائيّة العمانية، دار الحديث فيه حول مشاركات جمعية الترّاث في معرض مسقط للكتاب، وأهميّتها وضرورتها... ووجوب تطوير أداء الجمعيّة، ومواصلة الدّرب في التّواصل بين الجزائر وعمان، وبذل الجهود في مساعدة الجمعيّة للنّهوض بمهمّة نشر الكتاب في المشرق بعامة وعمان بخاصّة...
14 - لقاءات متعدّدة مع إخواننا وأبنائنا المقيمين في سلطنة عمان، بعضها تمّ في الحدائق، وأخرى في منازلهم... وكانت الجلسات قد تنوّعت بين علمية وثقافية وترفيهية وتشاورية...من بين ما تمّ فيها:
أ - قراءة مبحث من كتاب الموافقات للشّاطبي، وهو كتاب يتدارسه مجموعة من الإخوة في جلسة علميّة أسبوعيّة. وهذا شيء جيّد أن يجتهد الفرد في البقاء في صلة مع الكتاب والعلم.
ب – عرض أسئلة مهمّة وعميقة، وردت من القرارة، أرسلها الأستاذ عيسى بن محمد الشّيخ بالحاج عن مقدار الدّيّة، في ضوء مستجدّات الحياة الحاضرة وتغيّر القدرة الشّرائيّة للمواطن، تحاورنا فيها، وقدّمنا حولها إشكالات وفرضيّات، لمزيد البحث في الموضوع من الباحثين الجادّين المتخصّصين.
ج – عروض وأخبار عن المستجدّات في الجزائر وميزاب ودور الإخوة المغتربين في المشاركة في النّهوض بالمجتمع، والإسهام في الحياة العامّة هناك في الجزائر ووادي ميزاب.
د – أحاديث ومناقشات عن جمعيّة التّراث وطبيعة عملها، ودورها في نشر الفكر والتّراث، وطرق تطوير أدائها. اغتنمنا الفرصة فقدّمنا نداء ودعوة للباحثين الشّباب للانضمام إلى الجمعيّة والإسهام في حمل عبء المسؤولية مع من ينشط فيها، فالمرحلة التي يمرّ بها الفكر الإسلامي والثّقافة الإسلامية تتطلّب تكاثف الجهود، بل ومضاعفتها لنشرهما بشكل صحيح وقويّ، والتّصدّي لكلّ المؤامرات والمناورات، والمعاكسات والمشاكسات..ومواجهة التّحدّيات بعلم وحزم وعزم..
هـ تقويم مشاركة جمعيّة التّراث في المعرض، ونقد أدائها وعملها ومشروعاتها، وتقديم مقترحات وأفكار لتطوير العمل داخل أروقة الجمعيّة وخارجها، وتمتين العلاقات بين الجمعيّة والمحيط المحلّي والوطني، وربط حبال التّواصل مع العالم الخارجي، بعد أن ذاع صيت الجمعيّة في العالم والحمد لله.
و - مناقشة طرق إيصال كتب الجمعيّة إلى مختلف بقاع العالم، وبحث وسائل، تساعد على وجود منشورات الجمعيّة في دول كثيرة في العالم بشكل دائم.
15 – ألقيتُ محاضرة في مسجد الخليل بن شاذان، الذي يقوم بإمامة الصّلاة فيها الأخ إبراهيم بن عمر بن صالح باجو ، عنوان المحاضرة كان: "أوجه الإنفاق في سبيل الله وأولوياته". كما ألقى الأستاذ محمد بن أحمد جهلان محاضرة بواسطة الجهاز العاكس في مسجد عبد الرّضا سلطان، عرّف من خلالها بجمعيّة التّراث ومشروعاتها وآفاقها. وقد لقيت صدَى كبيرًا وتجاوبًا وتعاطفًا من الحاضرين.
هذه هي رحلتنا مع كتب جمعيّة التّراث إلى معرض مسقط للكتاب، وقد تنوّعت بين المتعة والإزعاج، والحسرة والابتهاج، والضّيق والانفراج. هذه سنّة الحياة، وهذه هي نكهتها. الرّاحة تأتي بعد التّعب، والثّمرة تكون بعد النّصب، بعدهما يلذّ ما يتحقّق من أرب. ألم يقل المتنبّي لسيف الدّولة الحمداني:
بَصُرتَ بالرّاحةِ الكُبْرَى، فَلَمْ ترََهــــــا تُنالُ إلاَّ على جَسْرٍ منَِ التّعَـــــــــــــبِ
 إنّ هدفنا نقل الكتاب من المغرب إلى المشرق، ومقصدنا تنمية أسباب التّواصل بين المشرقين والمغربين، ورسالتنا القيام بالواجب في نشر الفكر، ونقل الثّقافة، وربط أواصر الأخوّة بين أبناء الأمّة الإسلامية، في سبيل كلّ ذلك يهون كلّ شيء، ويصغر كلّ عظيم من الأهوال، ويُحقر كلّ جسيم من الأحوال، بهذا نحقّق ما نروم من الآمال. فعلى أهل القدر تأتي العزائم، وعلى كاهل الرّجال تناط الأعمال..
في الختام نقدّم شكرنا الجزيل إلى لجنة المعارض في وزارة التّراث والثّقافة العمانية على ما قدّمت لنا من تسهيلات، وما تفضّلت به علينا من خدمات، لقد وجدنا منها كلّ رعاية، ولقينا عندها كلّ عناية.تميّز عملها بحسن التّنظيم، والتّفاني في أداء الواجب. المشارِك في معرض مسقط للكتاب لا يجد أيّ صعوبة، بل يشعر بالرّاحة والطّمأنينة؛ لأنّه يعلم أنّ الأمور تسير في نظام وإحكام، وإتقان وإحسان. وإنّ الله لمع المحسنين.
كما نشكر سفارة سلطنة عمان في الجزائر، التي أسهمت إسهامًا كبيرًا في إنجاح مهمّتنا، للمشاركة في معرض مسقط، وهي دائمًا معنا في هذه المناسبة وغيرها.
ثناؤنا العطر إلى فضيلة الشّيخ عيسى بن يوسف بن سلطان البوسعيدي المدير العام لمعهد العلوم الشّرعية بمسقط، الذي كانت بصماته وآثاره بارزة في تهيئة الجوّ المناسب، وتوفير الظّروف الملائمة لنشارك في المعرض.
الشّكر موصول إلى إخواننا وأبنائنا المقيمين في سلطنة عمان، الذين كانوا بجنبنا في كلّ أيّام المعرض، وكانوا معنا بقلوبهم وأجسادهم وإمكاناتهم في كلّ اللّحظات التي قضيناها في السّلطنة.
لا ننسى إخواننا العمانيّين: مشايخ وأساتذة وطلبة وعامّة النّاس، الذين رحّبوا بنا في بيوتهم ومحلاّتهم ومكاتبهم، وحفلوا واحتفوا بنا؛ بالتّعاطف معنا، واقتناء كتبنا، وإبداء استعدادهم الكامل وبكلّ إمكاناتهم لمساعدتنا فيما نحتاج إليه.
الحمد لله الذي وفّقنا في مهمّتنا، نسأل الله القبول، ونطلب لكلّ من ساعدنا في عملنا الجزاء الأوفى والأبقى، ثمّ جنّة المأوى في الأخرى.

الحميز، الجزائر يوم الأحد: 25 من ربيع الثّاني 1433هـ
18 من مارس 2012م
الدّكتور محمد بن قاسم ناصر بوحجام
رئيس جمعيّة التّراث
________________________________
بإمكانكم التفاعل مع الموضوع عبر صفحتنا في الفايسبوك: http://www.facebook.com/profile.php?id=100001173531968
اسم الكاتب