بكير بن محمَّد بن صالح، أرشوم
(و: شوال 1345هـ/مارس 1927م - ت: 20 رمضان 1417هـ / 29 جانفي 1997م)


شيخ فاضل، وعالم بارز، ولد ببريان في ميزاب، وتوفي أبوه وهو ابن سنتين، فتولَّت أمُّه لَعْسَاكر بِيَة بنت صالح تربيته ورعايته.

دخل المحضرة وقرأ قسطا من القرآن، ودخل المدرسة الرسمية فتعلَّم المبادئ الأساسية للعلوم.

وفي الحادية عشرة من عمره فَقَدَ بصره، فرجع إلى المحضرة لحفظ القرآن الكريم. وفي سنة 1943م انتقل إلى القرارة فاستظهر القرآن بعد عام واحد، وتعلَّم اللغة العربية والعلوم الشرعية على يد أساتذة كبار.

التحق بمعهد الحياة بالقرارة بعد استظهاره القرآن الكريم، وكان مغرما بالأدب وحفظ الشعر، كما استطاع أن يحفظ الجامع الصحيح للربيع بن حبيب كاملا.

وبعد إنهاء الدراسة بالمعهد انتقل إلى تونس في 15 أكتوبر 1949م، والتحق بجامع الزيتونة بصفة حرَّة، فلازم الحلقات والمشايخ، إلى أن تخرَّج في علم التفسير، والأصول، والحديث، والفقه، والتجويد، واللغة العربية.

ومن أساتذته في جامع الزيتونة: الشيخ الفاضل بن عاشور، الشيخ العربي الحجري، الشيخان إبراهيم وأحمد النيفر. وتحصلَّ على إجازة في التجويد من الشيخ علي تركي، وإجازة في التفسير من الشيخ الزغواني، وباقي الإجازات من الشيخ الفاضل بن عاشور.

أمَّا الإجازات على المذهب الإباضي فأخذها عن الشيخ بيوض إبراهيم، والشيخ أبي اليقظان إبراهيم.

أوتي حافظة قوية، فبالإضافة إلى القرآن الكريم، والجامع الصحيح، استطاع أن يحفظ في هذه المرحلة: كتاب بلوغ المرام، وجزءا من كتاب اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان. وجملة ما حفظ من الحديث ثلاثة آلاف حديث.

وفي سنة 1956م رجع إلى مسقط رأسه، فعيِّن معلِّما للقرآن والأخلاق بمدرسة الفتح، وشرع في إلقاء الدروس في مناسبات الأعراس والمآتم.

وفي سنة 1957م فتحت له دار خاصَّة لتعليم النساء أمور دينهنَّ.

ثمَّ استدعي للعضوية في هيئة العزابة في 1961م، وتولَّى مسؤولية الوعظ والإرشاد بالمسجد، فكان عضدا للشيخ عبد الرحمن بكلي.

ومن نشاطاته العلمية والاجتماعية: دعمه للبعثات العلمية الخاصَّة إلى معهد الحياة بالقرارة، والمساهمة الفعَّالة في بناء المساجد، مع إنشاء مكتبات للمطالعة بجوار كلٍّ منها، والسعي لتنظيم الأعراس الجماعية، وعقد ندوات لتكوين الوعاظ والمرشدين، والاهتمام بتفقيه المرأة وتربيتها باعتبارها أساس صلاح المجتمع، والتكفُّل بالأرامل واليتامى والمعوزين...

ولم تثنه هذه المهام عن التأليف، فأثرى المكتبة الإسلامية بعدَّة عناوين، وجِّهت كلُّها إلى القارئ المبتدئ، بأسلوب رصين ومشوِّق، ومنهج بديع، ومن مؤلفاته:

1. «النبراس في أحكام الحيض والنفاس».

2. «المرشد في الصلاة».

3. «الحقوق المتبادلة في الإسلام».

4. «الوقاية والعلاج».

5. «الموجز في الجنائز».

6. «المرشد في مناسك الحجِّ والعمرة».

وجلُّ هذه العناوين طبع أكثر من مرَّة، كما ترجم بعضها إلى اللغة السواحلية، وطبع بزنجبار.

وافته المنية وهو في مكَّة المكرَّمة، عن عمر يناهز السبعين، يوم الإربعاء 20 رمضان 1417ه/29 جانفي 1997م، وصلِّي عليه في المسجد الحرام بعد صلاة الفجر، في جمع غفير من المسلمين من كلِّ الآفاق، ودفن بمقبرة المعلاَّة بمكَّة.

رثاه جلَّة من الشعراء، منهم الأديب الشيخ صالح باجو بقصيدة نشرت في دورية الحياة، عنوانها «صعدت روحه بأقدس بيت» ومطلعها:

فيك يا شهر جنة الخلد ماست

وتباهت تبخترا ودَلالا

*المصادر:
*محمَّد بن بكير أرشوم: ترجمة مختصرة للشيخ بكير أرشوم؛ (مصفَّفة)، منها نسخة في حوزة جمعية التراث، 2ص. *محمد بن موسى باباعمي: مقابلة شخصية مع الشيخ بكير أرشوم، الجزائر العاصمة، (مخ)، نسخة بحوزة جمعية التراث، 3ص *معهد الحياة بالقرارة: دورية الحياة؛ نشر جمعية التراث، القرارة، العدد الأوَّل: رمضان 1418ه/جانفي 1998م، ص190.